عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمان، وتحديداً فى 10 رمضان عام 1973، كان هناك فى الشمال الشرقى لوطننا الغالى مشهد لا ينسى على ضفتى قناة السويس التى تربط البحر الأبيض بالبحر الأحمر، وتفصل الوادى عن سيناء الحبيبة أرض الفيروز، فكانت الصورة الأولى من المشهد فى شرق القناة، حيث تتوقف الحركة فى بحر القناة، وماؤها ساكنة حزينة ولكنها ترقب بألم أنابيب النابالم التى تغطى الجانب الشرقى للقناة جاهزة لأن تحولها إلى جحيم، ثم يليها ساتر رملى بارتفاع لا يقل عن 20 متراً يصعب اختراقه، ويليه خط سُمى بخط بارليف الحصين الذى جُهز لمنع أى قوات من عبور القناة، وخلف هذا الخط احتياطيات استراتيجية من الأسلحة والدبابات والمدرعات والطائرات والصواريخ جاهزة للتحرك ضد قواتنا إذا ما فكرت فى العبور، وهناك فى الصحراء السيناوية تكاد تسمع ضبيح البوم ونعيق الغربان وعواء الذئاب التى تجمعت مع عدو غادر، ولعلها تكمل الصورة الظالمة لهذا العدو.

أما الجانب الغربى للقناة، فإننا نرى قواتنا المسلحة الباسلة فى خنادقها بكل عزيمة وإصرار، وبكل عقيدة قتالية قوية، جاهزة للتحرك عند تلقى الأمر بذلك، وتكاد تسمع هديل الحمام حمام السلام وزئير الأسود المتربصة والمتحينة ساعة الانطلاق، ولعلها بذلك تكمل الصورة العادلة لقضيتنا ولشعبنا المحب للحياة والسلام.

ووراء هذا الحشد العسكرى شعب عظيم أبى أن يترك جيشه منذ لحظة الهزيمة فى 1967، بل سانده، ووقف بجواره، وبجوار قائده، وكأن لسان حاله يقول للقائد قم واسمعها من أعماقى فأنا الشعب، وإذا أراد الشعب الحياة فلابد أن يستجيب القدر، ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر وهذه هى صورة مصر فكم أنت عظيمة يا مصر، وهذا هو قدرك فى مواجهة المحن والصعاب، وهو مشهد يذكره التاريخ دائماً، شعب يساند جيشه وجيش يساند شعبه، ولا يمكن أن تكتمل الصورة والمشهد بدونهما معاً.

وعند الثانية ظهراً يوم العاشر من رمضان عام 1973 انطلقت نسور الجو المصرية تدك معاقل العدو، وتحركت قواتنا واقتحمت قناة السويس، واخترقت الساتر الرملى بفكرة مصرية أصيلة وعبقرية من مقاتل مصرى وطنى أصيل، وهو اللواء أركان حرب باقى زكى يوسف ياقوت، وذلك باستخدام مدافع المياه ذات الضغط العالى لفتح أماكن فى الساتر الرملى؛ لتكون رأس جسر لكبارى عبور المدرعات والدبابات، واستطاعت القوات المصرية تحت غطاء الله أكبر- الله أكبر فوق كيد المعتدى، الله للمظلوم خير مؤيدى، أنا باليقين وبالسلام سأفتدى- استطاعت القوات الباسلة اقتحام خط بارليف، وزلزلت حصون العدو، وأفقدته صوابه فى ست ساعات كما قالها الزعيم البطل أنور السادات.

وعادت سيناء حرة أبية لوطنها الأم، واندحر الظلم والظالمون، وهرب البوم والغربان، وانتصر الحق والعدل، وزأرت الأسود فى الميدان، وابتسمت حمائم السلام. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) صورة محمد: 7، وهكذا عندما نصَرْنا الله نصَرَنا الله.

ولقد كانت هذه المعركة الرمضانية امتداداً لكل المعارك التاريخية بين الحق والباطل وبين العدل والظلم التى خاضتها قوات الحق على مدى التاريخ، ففى رمضان النفوس تطهر وتسمو، فتقترب من خالقها، والنصر الإلهى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنفوس الطاهرة.

إنه رمضان شهر الصيام وشهر الصبر وشهر الانتصارات.