رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

تعودت منذ زمن بعيد أن أقرأ يوميا  ما تيسر من آيات القرآن الكريم مع صلاة الصبح  فجر كل يوم ، وبالطبع وكعادتنا جميعا يزداد هذا الورد اليومى فى أيام شهر رمضان المباركة . وقد استوقفتنى صباح اليوم  الآية 35 من سورة غافر وهى تقول « الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبار « والآية 83 من نفس السورة وهى تقول « فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ماكانوا به يستهزئون « والمعنى فى الآيتين واضح إذ أنهما تخاطبان من يجادلون كثيرا فى أمر وجود الله وفى آياته التى تتجلى أمامهم فى الوجود  بعقليات متكبرة تتجبر على الله وتسخر من  المؤمنين به  وهم عادة مايفرحون بما لديهم من قدرات علمية يحتجون بها على رسل الله وعلى آياته الكونية البينة وهم لايدرون أنهم فى النهاية سيحيق بهم أو سيلحقهم المصير المحتوم حيث سيلحق بهم فى الحياة الآخرة العذاب المهين جزاء لهم على سخريتهم من المؤمنين وعلى انكارهم للوجود الإلهى استنادا على ما لديهم من علم يعتزون به ويفخرون بأنه منهجهم وسبيلهم وهاديهم فى هذه الحياة الدنيا !!

ولا أدرى لماذا تذكرت وأنا أتأمل هاتين الآيتين وما بينهما فى نفس السورة جائحة كورونا التى حلت بنا وبهؤلاء الملحدين المنكرين لوجود الله ولما أرسله إلينا من كتب مقدسة ؛ لقد تساءلت : ألا يمكن أن يكون هذا الفيروس «كورونا كوفيد 19 المستجد « الذى صنع هذا الوباء الخفى القاتل الفتاك آية من آيات الله أرسله الله ليكون لنا آية تتحدى علم البشر وتتحدى حتى قدراتهم الاقتصادية وتبعث فى كل جوانب حياتهم الفوضى والارباك فلا يستطيعون ممارسة حياتهم اليومية بما تعودوا عليه من الانخراط فى التجمعات والاجتماعات،  والافراط فى الملذات وفى ممارسة  كل مايغضب الله ورسله. إن تغول ظاهرة الالحاد بين الكثير من الناس اليوم وخاصة بين الشباب أساسها ثقتهم اللامحدودة فى قدرات البشر على حل أى مشكلة بالعلم وبالعلم وحده وكأنهم باتوا يعبدون العلم من دون الله وواثقين من أنهم بالعلم يسيطرون على كل شيء حولهم وتناسوا أن للطبيعة والكون خالقا هو وحده الذى يعلم كل أسراره وهو وحده الذى وهب البشر من بين مخلوقاته كل ما لديهم من قدرات ابداعية وعلمية لكى يكتشفوا بها تفسيرا لكل ماحولهم من ظواهر طبيعية حتى يمكنهم التماس الحياة الآمنة المستقرة بين مخلوقات الله على هذه الأرض . لقد تناسى البشر أن كل مايحل بهم من كوارث وأوبئة إنما هى من عند الله وهو وحده القادر على أن يلهمهم كيفية الخلاص منها ليس اعتمادا على قدراتهم الخاصة بل استنادا على ماهو موجود فى الطبيعة أيضا حيث خلق الله لكل داء دواء وعهد إلينا فقط أن نكتشف ذلك بماوهبنا من عقول مبدعه . لقد كدنا فى عالم اليوم الأهوج المهووس بعلومه العظيمة و بتكنولوجياته المتقدمه أن ننسى كل ذلك !! فأراد الله أن يعيدنا إلى نقطة الصفر لنعيد النظر فى مانحن فيه من غرور القوة والعظمة والجبروت حينما أرسل إلينا هذا الفيروس الخفى الضعيف ليقتل ماشاء من البشر فى مختلف القارات لايفرق بين عالم وجاهل ، بين حاكم ومحكوم ، بين غنى وفقير ، وليحبس الباقون فى بيوتهم انتظارًا للأجل المحتوم .

 ولما سئل  العلماء قالوا بداية أنه فيروس معروف لنا، إنه من عائلة كورونا التى تصيب الجهاز التنفسى وأننا سنقضى عليه قريبا وسنكتشف مضاداته وعلاجاته وحددوا لنا تواريخا بعد تواريخ للقضاء عليه ، وهاهى الأيام تمضى والشهور تتلاحق وكل يوم يقرون ونحن معهم بجهلنا المطبق أمام طبيعة هذا الفيروس ونندهش لسرعة انتشاره وكثرة قتلاه دون أن نملك له ردا . لقد أصبح هذا الفيروس هو الملك المتوج الآن على ظهر الأرض وكلنا يخشاه ولايعرف أين ومتى سيلقاه سواء نجا منه أو انهزم أمامه . والسؤال الآن لهؤلاء الملاحده الذين يعبدون انسانيتهم وعلمهم من دون الله هو : أليس كورونا هذا كما يقولون من عائلة فيروسية معروفة لنا ؟ ونحن نعرف منطقيا أن ماينطبق على الكل ينطبق على الجزء فلِما فشلنا فى علاجه عبر هذا القياس العلمى المنطقى ؟! يقولون أنه متحور ومستجد ومختلف عن كل أفراد عائلته السابقين ! فكيف تمضى بنا الأيام والشهور وكل معامل البحث العلمى فى العالم تعمل ليل نهار ومخصص لها المليارات من الدولارات ولانستطيع حتى الآن بكل جبروتنا العقلى والعلمى مجرد اكتشاف طبيعته وكيف يتحور وكيف ينتشر لنتمكن حتى من أن نحد من انتشاره فنسطيع الخروج من بيوتنا بشجاعة المواجهة ؟!

وكأنى بهذا الفيروس الضئيل حجما العظيم أثرًا يواجهنا كل يوم بحقيقة لابد أن نعيها هى ببساطه أن وراء كل ذى علم عليم وأن العالِمِ بكل مافى هذا الكون وبكل أسراره هو خالقه وأننا مهما بلغنا من التقدم العلمى فنحن إلى علمه فقراء وإلى رعايته نحتاج . ومن ثم فعلينا العودة إلى جادة الصواب وإلى صحيح الايمان به وحده عالما وقديرا وواهبا لكل النعم ومانعا لكل المحن والأوبئة . وإليه الآن نبتهل ونستغيث بأن يرفع عنا أذى فيروس كورونا المستجد فهو وحده القادر على ذلك وهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى .

[email protected]