رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

فتح عرض مسلسل» الاختيار» الباب لحديث يظهر حينا ثم يختفى، ليعود للظهور مرة أخرى عن «إعلام الدولة». ففى معظم دول العالم  تمتلك الدولة محطة إذاعية أو فضائية  تليفزيونية أو الاثنين معا للترويج لأهدافها بأساليب مهنية  مبتكرة دون إعلانات، تشوش على وضوح الرسالة التى تبتغيها.

وفى هذا السياق تقدم قناة روسيا اليوم  الفضائية نموذجا فذا لإعلام الدولة، الذى يمزج بين الاحتراف المهنى العالى المستوى  والجذاب،، وبين ما يسمى بالمسئولية الاجتماعية التى تفرض عليه  الموازنة بين الارتقاء بمعايير الأداء الإعلامى المهنى، الذى يمتلك القدرة على إمداد متابعيه بالمعلومات وتحرى الدقة والموضوعية فى نشر الحقائق، وبين الاستجابة لاحتياجات المجتمع الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، بالبعد عما يمكن أن يروج للعنف والجرائم والفوضى، ومواد التسلية التافهة التى تحط من كرامة الأفراد والفئات، وتسلط الضوء على الفضائح. وبهذا المفهوم للمصلحة العامة تقدم روسيا اليوم برامجها الإخبارية والحوارية والتثقيفية وأفلامها الوثائقية والفنية، وعبر تلك الوسائط الجذابة والملتزمة بالمعايير المهنية، تنقل القناة إلى مجتمعها وإلى العالم، رسالة روسيا الاتحادية  والقيم التى تروج لها.

الشىء نفسه تقوم به فضائية فرنسا 24،التى تمولها الحكومة الفرنسية فضلا عن إذاعة مونت كارلو الدولية، وبى بى سى الفضائية والإذاعية التى تمولهما وزارة الخارجية البريطانية. ولا يخفى على فطن أبدا النظرة الاستعلائية والاستعمارية التى تنظربها بى بى سى إلى منطقتنا و تتجلى فى الشريط السينمائى المرافق لنشراتها الإخبارية،الذى يختصر  منطقتنا مناظر قبيحة وبائسة، التى تؤكد عمى فى البصر والبصيرة فيمن أعدوا الشريط، ويصرون على بثه على مدار 24 ساعة لتثبيت فكرته. أما منطقتنا الغنية بحضارتها والحافلة بالتنوع الثقافى والفكرى  والعرقى والدينى والفنى والمعمارى، فهى أمور لا يفتح الغرب الاستعمارى وأدواته الإعلامية، عينه  عليها سوى لنهبها!

على مشارف غزو العراق، حل  راديو سوا محل  إذاعة صوت أمريكا التى  مولتها الحكومة الأمريكية وبثتها  أثناء  الحرب العالمية الثانية. وقام راديو سوا على نظرية أن معظم سكان البلاد العربية هم الشباب فتوجه إليهم ببرامج ترفيهية  تروج لنموذج الحلم الأمريكى برغم أنه  يتهاوى، ولأهداف  السياسية الأمريكية.

تمر مصر منذ يناير 2011 بظروف استثنائية على أكثر من صعيد، وتتربص بها من الخارج والداخل أخطار أمنية لا ينكرها سوى غافل  لاه أو لئيم  حاقد، تتطلب رؤية إعلامية مغايرة،لما هو سائد الآن. وفى مثل هذه الظروف التى تتراجع فيها فضيلة القراءة، تضاعفت الأدوار التى تلعبها الصورة التليفزيونية فى تشكيل وعى الجمهور واهتماماته. والدور المؤكد الذى باتت الإعلانات  الى تحاصرنا فى كافة القنوات المصرية، هو تغذية الصراع الطبقى، بما تعرضه من منتجعات وإسكان  وتعليم وطعام ومواد استهلاكية فاخرة، لا يقدر على أسعارها سوى أثرياء، ولا تخاطب غيرهم، ولا تبعث فى الجموع الغفيرة التى تشكل أغلبية المصريين سوى مشاعر اليأس والإحباط من فرط الشعور بالحرمان.

أصبح من ضرورات المسئولية الاجتماعية، ودعم حماية الأمن القومى المصرى انشاء محطة تليفزيونية أرضية، ولا مانع من بث برامجها فضائيا، تخلو نهائيًا من الإعلانات، وتتبع المعايير المهنية المشار إليها، وتزود بخبرات إعلامية تتسم بالكفاءة والتقافة  والحضور، يعج بها مبنى ماسبيرو، أو حتى بالاستعانة بمن هم  من خارجه، لبث برامج تخبر وتعلم وتثقف وتسلى، وتعلى من قيم الجماعة على القيم الفردية التى يحترفها الإعلام الاستهلاكى، وتحفز على الاهتمام بالوطن،تاريخا وحاضرا ومستقبلا، وتتوجه لمشاكل واحتياجات وأحلام من تستهدفهم برامجها وهم 90%من الشعب المصرى، الذى تحطم معنوياته يوميا إعلانات لا عقل لها عن المنتجعات والكبويندات وأوجه الانفاق الفاخر. ولعل من بيدهم الأمر أن يمنعوا تلك الإعلانات عن بقية القنوات التى تملكها الدولة، وأن يخصصوا للإعلان قناة مشفرة، من يشترك فيها من يحتاج إليها.

ولو أن الأمر كان كذلك، ما ذهبت الرسالة السامية لمسلسل الاختيار أدراج الإعلانات!