عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

 

ثمة رصاص مكتوب، ألغام على الورق، لكمات لا كلمات.

فى أزمنة الخوف، تنطمس رؤى، وتعلو ترهات، وتتدفق شلالات اللاعلم، اللافكر، واللامسئولية لتجد دعاة الانتحار الوطنى، والمحرضين على الفاشية، والداعين لنسف الدستور وخرق القانون يُطلون عليك من صنابير شتى ينثرون جهلا وجهلا.

أحدهم كتب قبل أيام مُحرضا على استعادة مذبحة التأميم الناصرى لانهاء وجود القطاع الخاص فى مصر بدعوى أنه بعيد عن دعم المجتمع خلال أزمة كورونا. وقال إن حركة الأموال فى أيدى 5% من الشعب وأن 95 % محرومون من الثروة، وأن الإمبريالية العالمية (لاحظوا المصطلح الذى يستخدمه كل فاشى لتبرير فاشيته) تنهب خيرات الأمم وتحصرها فى حوزة هؤلاء، محرضا الدولة المصرية أن تفتك بهم، وتستولى على ممتلكاتهم، لتستعيد ما فعله عبد الناصر قبل ستة عقود وُتعيد المال للشعب.

وعلى شاكلته، نجد أنفارا من المتطوعين عن قصد أيدولوجى، أو جهل عام، أو رغبة فى الظهور يطالبون بسحق القطاع الخاص، قهر رجال الأعمال واسترداد ما حققوه تحت مُسمى زائف اسمه «حق المجتمع».

ولاشك أن القيادة السياسية تعى تفاهة الطرح، وتؤمن بدور القطاع الخاص فى تحقيق التنمية. تدرك القيادة أن الملكية الخاصة حق مقدس محفوظ بالدستور والقانون، وأن الوطن يتسع للجميع، وفى كل فرصة تكرر أن رجال الأعمال شركاء فى الوطن لا خصوم للشعب.

ثُم مَن قال إن تحقيق ثروة عمل مُجرم؟ وهل هناك أى عُرف يسمح بالاستيلاء على كد وجهد إنسان تحت أى مُسمى ؟ وهل هناك مَن يتخيل حتى فى مواطن نشوء الفكر الاشتراكى نفسها أن ثمة مَن يقبل الآن مصادرة أموال الناس؟ هل يعى جوقة عبد الناصر أن زمنه ولى وأننا دفعنا عقودا ثمن سياسات التأميم الكريهة ومازلنا حتى الآن فقراء وبؤساء؟

الفكرة ببساطة أن التخطيط المركزى أثبت فشله، وأن الاقتصاد القائم على الحكومة لا يُمكن أن يوفر وظائف أو يحقق نموا يُكافىء نمو المجتمعات وتطورها. كما أن الاشتراكية والتأميم ومصادرة الأموال مصطلحات أعلن وفاتها ودُفنت إلى الأبد لأنها تناقض العدالة، وتعادى التقدم، وتصطدم بالتطور البشرى.

إن الاشتراكية لا تُميز بين الإنسان المجتهد وغير المجتهد، بين الناجح والفاشلـ بين شخص يُفكر ويكد ويعمل وثانِ ناعس ينتظر من الدولة تشغيله وتوظيفه والانفاق عليه ورعايته ورعاية أبنائه الذين ينجبهم بلا حساب.

لقد عاينت وعايشت بحكم عملى لنحو ربع قرن فى الصحافة الاقتصادية كيف تغيرت أحوال موظفين وعمال اشتغلوا فى شركات عامة، ثم انتقلوا بعدها للعمل فى ظل إدارات احترافية خاصة؟ كيف تغيرت عقولهم فصارت مُوجهة للتطوير والابتكار؟ وكيف تبدل أداؤهم الانتاجي؟ كيف تحقق لديهم مفهوم العدالة من خلال ربط الانتاج بالحوافز والتفرقة بين مَن يعملون ومَن لا يعملون؟ وأكثر من ذلك رأيت كيف تغير اقتصاد مصر، مع كل توجه أكبر ناحية القطاع الخاص، و كيف صار لنا وجود على خارطة الصناعة، التكنولوجيا، والحداثة؟

والموجع أننى رصدت ووثقت ما فعلته مذبحة التأميم ببلادنا. أترحم على أسماء عِدة حلقت باسم مصر فى الآفاق. منهم مثلا حمزة الشبروايشى الذى وثق حكايته صديقى النبيل عمر طاهر، وكيف مات الرجل حزنا فى الغربة بعد أن أمموا مصانعه بسبب وشاية. ومنهم أيضا محمد فوزى المبدع الموسيقى الفريد الذى وضع كل ما يملك فى شركة انتاج فنى خاص، كانت نواة لانطلاق قوى مصر الناعمة، والذى قتلته حسرة المصادرة، وغيرهما كُثر دفعوا ثمن سياسة خرقاء.

يُحزننى هُتاف الناعسين، الذين لا يقرأون ولا يتدبرون، يُغطون فى غيبوبة الانزواء، مُكررين حلول الماضى دون حتى دراسة. يحرضون على قتل الحداثة ولا يعرفون أنهم يدعون إلى الانتحار.

والله أعلم.

 

[email protected]