عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

 

 

 

 

حينما أتأمل ما يحدث اليوم من مظاهر جعلت العالم كله يتشارك فى أزمة انتشار فيروس كورونا الفتاك وكيف تعاملت مع الأزمة دول العالم المختلفة بداية من الصين التى كانت البؤرة الأولى لظهوره وبداية انتشاره من مقاطعة ووهان والتى سارعت باتخاذ الإجراءات الوقائية السريعة بعدما نجح علماؤها فى تحليل واكتشاف طبيعة هذه الفيروس المستجد وتابعوا قدرته اللامحدودة على إصابة الآلاف فى الصين نفسها ثم حول العالم، وفى كل قاراته ومعظم بلدانه، أجد أن كل ذلك يقود العالم حتما إلى مرحلة جديدة يمكن أن نطلق عليها بالفعل مرحلة ما بعد كورونا حيث أن نظرة البشر لأنفسهم حتما ستختلف ؛ فقد كانت حياتهم وتصوراتهم تتركز حول النظر إلى مصالحهم الذاتية كدول وشعوب، وكان الصراع فيما بينهم يأخذ مناحًا شتى تتمحور حول الحروب العسكرية والاقتصادية والتجارية، الحروب بين الطوائف والأفراد بشكل مباشر أو غير مباشر . والآن تجمع الجميع وتوحدوا لمحاربة عدو واحد لم يميز فى مهاجمته لهم بين غنى وفقير أو بين حاكم ومحكوم ، لقد أصبح الجميع دولاً وأفرادًا أسرى فى بيوتهم أو معزولين يخضعون للعلاج فى المستشفيات بعد أن توفى من توفى وشفى من شفى. إن أجهزة العالم  ومؤسساته  حكومية وخاصة  وأجهزة إعلامه كلها  خاصة وعامة، مسموعة أو مقروءة  أو مرئية، ورقية أو فضائية أو رقمية، الكل مشغول بمتابعة المعركة مع هذا الفيروس دقيق الحجم عظيم القيمة شديد الفتك بأعدائه!!

لقد وضع كورونا كل البشر تحت ضغط التساؤل: وماذا بعد ؟! متى سيرحل عنا كورونا ومتى سيرحمنا الله منه ؟! وإلى أن يتم ذلك أين المفر؟! وكيف نهرب من أمامه ونحن لا نراه ؟! وكيف يصل إلينا ونحن نأخذ كل الاحتياطات اللازمة ونطبق المحاذير التى نصحنا بها العلماء وألزمتنا بها الحكومات؟!

إننى أتأمل كل ذلك من منظور مستقبلى مختلف هو: ماذا ستكون عليه صورة العالم سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا بعد كورونا ؟! ماذا سيفعل البشر بعد أن يتخلصوا من هذا الوباء الذى أمسك برقابهم على غير توقع وبدون أن يستعدوا له ؟! هل سيظل العالم كما هو تحكمه القوى العظمى وهى الآن أصبحت أمام هذا الفيروس المجهول قوى متخبطة واهية لا تعرف ماذا تفعل وهو يعربد فيها ويقتل كل يوم الآلاف من مواطنيها؟! هل ستظل هذه القوى العظمى التى أصبحت قزمًا ضعيفًا أمام كورونا على قناعتها بأن القوة العسكرية وغزو الفضاء وتطوير أسلحة الدمار الشامل هى مناط السيادة وأداة الهيمنة؟!

هل سيظل الإنفاق العسكرى لهذه الدول ولغيرها هو البند الأول والأهم فى ميزانياتها؟! هل سيظل  انفصال الأقوال عن الأفعال والظلم وغياب العدالة والمساواة هو السائد فى النظام العالمى أم سيشهد العالم بعد كورونا ارتباطا بين الأقوال والأفعال لتحقيق العدل والانصاف بين دول العالم وشعوبه بصرف النظر عن لون البشرة وبعيدا عن الغنى والفقر؟ هل سيختفى وحوش العالم ودعاة رأسماليته المتوحشة ويعيدون ترتيب أوراقهم لتحقيق اقتصاد عالمى يقوم على الإنتاج واحترام الحقوق وتحقيق العدالة بين المنتجين والمستهلكين بعيدًا عن الاحتكارات والبورصات والمضاربات وكنز رؤوس الأموال ؟!

لقد كتبت منذ بداية هذا القرن وتحديدا عام 2003 كتاباً بعنوان «ما بعد العولمة» تنبأت فيه بأن عصر العولمة والهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية سينهار باعتباره مرحلة تاريخية انتهى وقتها بفعل عوامل كثيرة عددتها آنذاك وقلت إن دورة حضارية جديدة ستبدأ بقيادة الشرق الآسيوى الذى تقوده الصين بين عامى 2020 و2030 م. فهل يساهم ما نراه الآن من مظاهر تفشى الوباء وهشاشة الأنظمة الصحية فى الدول الغربية وبالذات الولايات المتحدة الامريكية بعد أن كانوا يسخرون منه ومن الصين التى بدأ منها انتشاره ، هل يعجل ذلك بانتقال السيادة والقيادة للعالم من الغرب الأمريكى إلى الشرق الصينى وخاصة بعد أن أظهرت الصين مدى جديتها وانضباط شعبها وقدرة علمائها وأنظمتها الصحية فى مواجهة هذه الأزمة الطاحنة ؟!

إن الأيام والشهور القادمة ستحمل لنا بلا شك إجابات شافية على هذه التساؤلات وغيرها.

 

[email protected]