رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

شهر الربيع من كل عام له معى ذكريات لا تنسى، فلا يمكننى نسيان أشجار التوت الأحمر والأبيض والأسمر الملاصقة لمنزلى وللأرض التى كان يزرعها والدى رحمه الله، كما لا أنسى نصائح أمى رحمها الله والتى قابلت ربها فى هذا الشهر أيضًا، وهى تقول لى لا تأكل التوت دون غسله حتى لا تصاب بالحمى، وكانت تعلم مهارتى فى تسلق أشجار التوت وعشقى لأكله، فكانت تشاركنى فى أكله بعد غسيله جيدًا حتى لا تفسد على فرحتى فيما أحب.

وبمناسبة جلوسنا الإجبارى فى المنزل بسبب مرض كورونا تداعت إلى ذكريات شهر مارس وعيد الأم وأغنية فايزة أحمد ست الحبايب ومراهنة شقيقاتى وبناتى على استحضار دموعى فور سماعى كلمات الأغنية الجميلة التى تجعلنى أراجع شريط الذكريات منذ طفولتى وحتى المشيب، تذكرت مرضى بالحمى فى نفس هذه الأيام من هذا الشهر ولا أعلم وقتها أن الحمى بسبب التوت أو بسبب آخر، ولكن ما أتذكره جيدًا حنان أمى وخوفها على من ارتفاع درجة حرارتى، فكانت رحمها الله لا تذهب إلى الطبيب إلا بعد القيام باللازم تجاهنا.

وأذكر وقتها أنها رفضت تناولى أية اطعمة تساعد على رفع حرارتى أكثر من ذلك، وكنت أشعر برعشة لم أرها طوال عمرى الا عندما كنت طفلًا فى المراحل الأولى من حياته والأخرى كانت منذ أربعة أعوام وأنا أقوم بمناسك العمرة بمكة المكرمة، وعلمت أنها انفلونزا اسيوية فأيقنت أن دول آسيا سواء الفلبين أو كوريا وأخيرًا الصين لديها فيروسات قاتلة، ولكن برغم صعوبة الحمى التى أصابتنى وأنا صغير وأصابتنى أيضًا وأنا فى بداية العقد الخامس فإن الشفاء مع أمى كان أسهل وأسرع رغم التقدم الطبى والعلمى المذهل الذى نراه هذه الأيام، فكانت الكمادات والليمون وقلة الطعام أهم وسائل أمى منذ بداية المرض وحتى الشفاء.

فى هذه الأيام تداعت إلى هذه الذكريات وأنا أنظر إلى أشجار حديقة المنزل وقد اكتست بالخضرة وأنظر إلى شجر التوت الذى لا أستطيع تسلقه ولا تناوله ليس خوفًا من الحمى التى عالجتها أمى رحمها الله ولكن خوفًا من التصاق فيروس كورونا بأحد الأفرع أو الأيادى التى قطفت التوت أو التى وضعته فى أكياس أو التى غسلته بماء خال من الكلور، مارس هذا العام وربيع هذا العام ليس كأى مارس أو ربيع مرا على منذ نصف قرن، بعد أن حبسنا فيروس كورونا وفجعنا على أهلنا المعزولين فى المستشفيات ورائحة الموت تفوح من كل شىء والجميع يخشى من المصافحة أو الصلاة او الرياضة أو العمل.

أشعر بأننا فى كابوس مزعج وسنفيق منه فى القريب العاجل ونعود إلى طقوسنا وعاداتنا ولمتنا المصرية على كل شىء، خصوصًا فى عزائم وموائد شهر رمضان الكريم وفى كل شىء بعد أن ينزاح عنا وباء كورونا عافانا وعافاكم الله من كل سوء.