رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أن تقرأ: أستطيع أن أجد حلاً لأوجاعي وآلامي إذا داهمتني.. وأن أحصل على علاج جيد للأمراض الشائعة إذا فاجأتني.. من الأنفلونزا اللعينة، إلي «السمنة الرهيبة».. ومن تكسير ضلوعي إلي تحطيم قلبي!

لدي أصدقاء وأقارب كثيرون من الأطباء والممرضين.. فإذا أوجعتني خشونة الركبة فهو الدكتور «الكرماني» الكبير لا غيره.. ولو أوجعني ظهري بحكم ثقل وزني فنجله الدكتور صالح يكفي. أما لو تألم قلبي، فسأستعين بخالي محمد الخولي، فرغم أن مستشفاه متخصص في الأمراض والمشكلات النسائية، إلا أن خوفه علىّ، سيجعله يرشح لي واحداً من أطباء القلوب العظام، أو أستاذاً بالطب النفسي، بحكم أن صديقي الدكتور «عكاشة» أصبح بعيد المنال.. فيما اختفت الدكتورة منال عمر اختفاءً مريباً، بعد أن أصبح وجودها علي فضائية النهار غير مرغوب فيه، شأنها شأن الدكتور مصطفي حجازي!

أما العلاج فلا أخشاه.. فهناك شركات تضمن لنا دواء ناجعاً، لم «تلوكه» الألسن بسوء، ولم تتعرض لها الأقلام الصحفية بنقد معتبر حتي اليوم!

لكن الذي لا أستطيع أن أجد له علاجاً، هو الأمراض المتوقع إصابتي بها، بسبب اضطراري لارتياد العديد من المطاعم خلال اليوم، واحتمال تناولى أغذية فاسدة، أو غير صالحة للاستهلاك، أو يٌحَّرمْ تناولها! وفضلاً عن ذلك لا أستطيع أن أجد علاجاً للأمراض الفتاكة المتوقعة، جراء شرب المياه الملوثة.. وهي طعنة غادرة لم أكن أعمل لها حساباً!.. لماذا؟.. ببساطة لأنني «شَّرِيبْ» عظيم للمياه المثلجة.. وكنت أشرب باطمئنان كلما كان سعر العبوة مبالغاً فيه، وكلما كانت «مِشَبْرَّة» ومحكمة الإغلاق!.. ثم أدركت أنني عشت وهماً كبيراً، وأنني من حرّ مالي كنت أشتري أمراضي!.. فالمجرمون والمزورون انتحلوا أسماء ماركات المياه المعدنية وأطلقوها على منتجهم القذر الذي يعبئونه من أماكن قذرة وبوسائل أكثر قذارة، والذي يقدمونه إلينا «مغلفاً» بكل «بلاوية».. محكم الإغلاق!

فمن ذا الذي يستطيع أن يجد لنفسه علاجاً إذا اكتشف أنه تناول لحم «خنزير» أو لحم «حمير» في ظل رقابة معدومة من دولة هرِمَة؟ خصوصاً أنه قد يكون تناولها في مطاعم تحمل أسماء مشهورة وذات تاريخ عريق؟.. وكيف نجد علاجاً من أمراضٍ تصيبنا، بسبب تناول مثل هذه المأكولات المحرمة أو الفاسدة؟

كيف يمكن أن يتقبل الإنسان أنه خدع وتناول لحوم الخنازير أو لحوم الحمير؟.. وفوق هذا كله فإنه دفع لأجل ذلك مبالغ طائلة.. كانت بالنسبة له ضماناً للجودة ومانعاً لكي لا يحدث هذا الإجرام؟! وكيف يتقبل فكرة أنه ابتاع من حر ماله زجاجات المياه المثلجة (المزعوم أنها معدنية كذباً وزوراً) التي يشتريها بالسعر الذي يفرضه باعتها - أو مجرموها لا فرق- بقذارتها وتلوثها! وكوني من أعظم «شٌرَّابْ» المياه المثلجة، المباعة في أي مكان، من الأكشاك علي الطرق السريعة، إلي «ماركت» محطات البنزين، إلي محال البقالة المنتشرة في طول البلاد وعرضها، فلاشك أنني تناولتها بل وكان يملؤني إحساس عارم بالأمان وأنا أشربها، كونها كانت مغلقة بإحكام! والمفاجأة المثيرة للصدمة أن هذا الإغلاق لم يكن ناجماً عن إحكام الصناعة وإنما عن إحكام صنع «الوساخة»!.. فبحسب ما حققه تليفزيونياً زميلنا مجدي الجلاد فإن فاقدي الضمير يعيدون تعبئة زجاجات المياه الموصوفة (زوراً) بأنها معدنية، ويملأونها بأيديهم مجدداً، بمياه لا أعرف مصدرها.. مياه قذرة ملوثة، تعبأ في الزجاجات، بـ «جردل» و«كنكة»! ثم يغلفون الزجاجة بورقة مزورة باسم المنتج المراد انتحال ماركته المسجلة، ويعالجون بالهواء الساخن إغلاق فوهة الزجاجة، إمعاناً في التزوير، ونحن «نقربع» عشرات الزجاجات منها في غيبة أي رقابة؟!

لم يتحرك أحد عندما افتضحت كوارث المياه (الملوثة.. المعدنية سابقاً!)، وحتي عندما انفجرت فضيحة لحوم الحمير، لم يتحرك أحد، بل تطرق الأمر للحديث «العلمي» عن فوائد أكلها، وهو ما يعيد للأذهان تصريحات نفس الوزارة بعد غرق مركب الفوسفات في النيل منذ شهرين، حينما قالت الحكومة وقتها إن خلط الفوسفات بمياه الشرب «مفيد لصحة الإنسان». الوحيد الذي انبري من المسئولين للتهوين من الفضيحة هو رئيس هيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة، حسين منصور، الذي قال عجباً: «لحم الحمير مثله مثل أي لحوم أخرى إذا اتبعت الإجراءات السليمة أثناء الذبح» ويصعب التفريق بين لحوم الحمير والقطط والكلاب واللحوم العادية إذا تم «فرمها»، وختم حديثه ساخرًا: «متخافوش ولا هتنهقوا ولا هيحصلكم أي حاجة»!.. وفي الكويت يقولون علي من يطلق تصريحاً كهذا: «مو صاحي»!!

أما شعبياً، فالوحيد الذي تحرك واهتم هو محمود العسقلاني رئيس جمعية حماية المستهلك وقد كتب علي صفحته الشخصية بوستاً عن نتائج زيارته لفرع أحد المطاعم، شهد له بالنظافة والجودة، وتلك قصة تروي.