رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

لكل شيء فى حياتنا وجهان مختلفان.. حتى الانسان نفسه مكون من نصفين.. واحد طيب وآخر شرير.. وإلا ما كان على يمينه ملاك للحسنات، وعلى شماله واحد للسيئات.. وكذلك هناك جنة ونار، حياة وموت، ماء وهواء، أرض وسماء.. حتى البارود عندما صنعه الصينيون كان الهدف منه فى البداية وسيلة للبهجة والفرح بإطلاق الألعاب النارية فى المناسبات السعيدة.. ولكن اكتشفوا أن له وجها آخر كسلاح للقتل والدمار.. فكل شيء صنعه الانسان له جانبان مختلفان.. وهذه المتناقضات فى حياتنا والتى تنقسم عموما بين شيئين لا ثالث لهما.. روحى ومادى. هو أمر ليس بجديد على الانسان، وتناولته الأديان وناقشته الفلاسفة من قديم القديم!

وإذا أمعنا النظر فى مرض كورونا سنجد له جانبًا آخر مشرقا غير جانبه السيئ، مثله مثل كل شيء فى الحياة.. هذا الجانب المشرق منه ربما لا نراه من شدة الخوف منه إلى حد الرعب، خاصة أنه أصبح يهدد حياة الملايين من البشر.. ومن المدهش أن يكون الوجه الجميل من كورونا هو نفسه وسيلة الوقاية منه.. وهو النظافة، فلا شيء يحمى الانسان من عدم الإصابة بهذا المرض سوى « النظافة» وبأقل القليل منها.. حيث يكفى أن تحرص على غسيل اليدين بالماء والصابون.. حتى بدون مطهرات أو أجهزة تعقيم.. فقط غسل اليدين قبل الأكل وبعده.. «النظافة» هى الروشتة الوحيدة والدواء الوحيد.. فلا مضاد حيويا أو مسكن للألم أقراصا أو شرابا.. ولا حتى لبوسا!

صحيح أن المجتمعات الاوروبية الآن هى أكثر الدول المتضررة من الفيروس رغم نظافتها.. ولكن ما أصابها كان سببه الرئيسى الإهمال والتراخى فى التعامل بجدية مع المرض.. ونحن نعانى من كل ذلك، ولكن تظل مشكلة النظافة هى مشكلتنا الكبيرة، ولابد أن نعترف أن لدينا مشكلة حقيقية فى النظافة.. النظافة الشخصية، ونظافة الشوارع، ونظافة المرافق العامة.. وحتى نظافة المساجد والكنائس.. وأتذكر عند بداية عمل الخط الأول للمترو كان من ضمن الأشياء المدهشة والغريبة علينا هى وجود عمال للنظافة على الأرصفة، على مدار اليوم، وهو ما لم نشاهده من قبل فى محطات السكة الحديد وقطاراتها.. وكانت عربات المترو كلها نظيفة.. ولا يخرج قطار من المحطة الرئيسية إلا بعد نظافته وغسيله بالماء والصابون.. وكانوا يفرضون غرامات فورية على من يلقى سيجارة أو ورقة أو يبصق على الرصيف أوفى داخل القطار.. ولا أعرف إذا كان الوضع حاليا مستمرًا على ما كان عليه أم أن المسألة اختلفت!

عمومًا.. نحن فى حاجة إلى رؤية النظافة كجانب مشرق من فيروس كورونا.. ونعمل على استخدامه كعلاج وحيد للقضاء عليه، وتكثيف حملات النظافة فى الشوارع وفى منازلنا وفى أنفسنا.. ولا يعقل أن يكون كل شيء مستباحا فى موضوع النظافة.. نلقى زبالة البيوت فى الشارع، ومخلفات المحلات والدكاكين والورش فى الشارع.. ونغسل السيارات ونصلحها فى الشارع.. وتتحول شوارعنا كلها إلى أسواق بلا استثناء.. حتى الأسواق الرسمية التى تحددها الاحياء هى عبارة عن مكان موبوء بالميكروبات والفيروسات.. حتى النيل الذى نكاد أن ندخل حربًا على مياهه.. تحول إلى مقلب زبالة.. ولذلك لن يكفينا أن يجدوا علاجًا لكورونا للقضاء عليه.. ما لم نجد علاجًا للنظافة.. وإذا تمكنا من النجاة من فيروس كورونا سيخرج لنا ألف فيروس من بين أكوام الزبالة طالما لم نقض على سلوكياتنا السيئة فى النظافة!

[email protected]