رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

د.علاء رزق

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

لأول مرة أحاط بالحيرة عند اختيار عنوان مقالى الأسبوعى نتيجة تصاعد الأحداث وتشابكها وتعقدها إلى أن استقر بى الحال على هذا العنوان الذى أرى فيه فرصة ذهبية لدول العالم الأول خاصة الاستعمارية فى التكفير عما ارتكبته فى حق دول وشعوب اغتصبت حقها فى الحياة والعيش الكريم. وبلا شك أن تقدم الأمم فى الوقت الحالى يعود إلى تقدمها فى مجال العلوم وخصوصا العلوم التقنية. وقد بدأت علامات التسابق نحو امتلاك التكنولوجيا النوعية مع بداية القرن الماضى. إلا أنه لم يظهر تفوق جهة على جهة، إلا بعد الحرب العالمية الأولى حيث ساعدت نتائج الحرب على إعطاء بعض الدول ميزات ساعدتها على الإسراع فى امتلاك صناعات متطورة، فى الوقت الذى حدت من مقدرة دول أخرى على المضى فى السباق وهى الدول النامية. فقد كانت قبل الحرب الأولى تمتلك قاعدة تكنولوجية مماثلة لغيرها من الدول فى ذلك الوقت؛ ولديها الأسس التى تجعلها ضمن السباق.

وبعد الحرب وضعت ممتلكات الدولة وأجزاؤها إما تحت الاحتلال مباشرة، أو الوصاية أو الانتداب من قبل دول الحلفاء، ما أدى إلى إخراج هذه البلاد من حلبة السباق التكنولوجى كليًا، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية التى ساعدت بدورها على تقسيم العالم من الناحية التكنولوجية إلى ثلاثة أقسام دول صناعية تمتلك قاعدة تكنولوجية حيوية واستراتيجية غير مقيدة بأى قيد. ودول صناعية تمتلك قاعدة تكنولوجية مقيدة تنتج بضائع غير إستراتيجية مثل اليابان ودول لا تمتلك قاعدة تكنولوجية مطلقًا. وتضم دول العالم الثالث ومنه العربي. وقد أصبحت الدول فى العالم الثانى والعالم الثالث سوقًا كبيرا للصناعات الاستراتيجية التى تنتجها دول العالم الأول. والصناعات الاستراتيجية هى بالدرجة الأولى صناعات عسكرية وما يتعلق بها خاصة تلك التى تستخدم بالحفاظ على سيادة الدول وكيانها. وكذلك الصناعات التى تستخدم بتطوير الصناعات العسكرية كصناعة الفضائيات، والحواسيب العملاقة. وتحاول الدول الأولى أن تحتكر هذه الصناعات، بل وتحاول أن تمنع غيرها من التوجه نحو صناعتها فى ظل العولمة والانفتاح والاحتكار بقوانين تعرف بحقوق الملكية الفكرية وما شابه من قبل الدول المتقدمة، والتى تمثل حقا لها فى حماية ابتكاراتها من السرقة.

وهى حجة وإن بدت مقبولة الا انها تخفى فى طياتها سعى هذه الدولة لإبقاء حجم الفجوة التكنولوجية هائلا بينها وبين بقية الدول الاخرى، لاسيما وتلك التى تختلف معها ايدولوجيًا أو على الأقل تختلف معها سياسيًا. ولم تتنبه هذه الدول ومجتمعاتها من أن تبقى أسيرة أو تعيش فى ظل تبعية معرفية وتكنولوجية سلبية متسترة خلف بعض المزايا التى تمنحها تلك الدول فى بعض المجالات الاستهلاكية، لذلك كان لزامًا على الدول التى تريد بناء قاعدة تكنولوجية حديثة أن تتبنى فكرة أساسية فيها قوة الدفع، وفيها المقدرة على التفاعل مع المجتمع لتحمله على تحمل ما يلزم من أجل امتلاك التكنولوجيا النوعية، واغتنام فرصة تعرض دول العالم خاصة الاستعمارية الكبرى لفيروس كورونا وخسائر تجاوزت 12 تريليون دولار ومتوقع 60 تريليون دولار اى 60000 مليار دولار بصورة ستعرض هذه الدول لخطر صفر نمو اقتصادى بل لخطر المجاعة ونقص الغذاء بل واحتمال كبير لنشوء حروب أهلية فى دول العالم الأول سابقا.

والسؤال الذى يطرح نفسه: هل يمكن أن تداوى الدول الاستعمارية خطر عدم وجودها بصدقة إمداد دول اغتصبت حقها فى التقدم والتحديث بسر التكنولوجيا طوعا واختيارا لخدمة الإنسانية بعد فقدان السيطرة على الأسواق العالمية خاصة لدول العالم الثالث وصعوبة وصول منتجاتها لهذه الأسواق وهو الهدف الأعظم لاحتكار سر التكنولوجيا.

الخلاصة، إن فيروس كورونا قاهر دول العالم الأول بلا منازع وعدو الأنظمة الرأسمالية المتوحش منها والرحيم والابتلاء الذى لن يستقر معه حال أنظمة استبدادية واستعمارية، وجاء وقت علاج جسد دول العالم الثالث المريض بدواء التكنولوجيا تمهيدا لإعلان العالم انه قد أصبح وحدة واحدة لإنقاذ البشرية بعد أن مسها الشيطان الأكبر بنصب وعذاب.