رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فيروس كورونا كشف الغطاء عن عالم القوة المتغطرسة الذي بدا أمامه مذعورا وعاريا حتى من أصغر ملابسه.. وإذا كان الضعف ليس له حدود - فالمؤكد أن للقوة مهما بلغ جبروتها حدودًا تفرض على أصحابها إدراك أن العالم إذا كان بنظرهم أصبح قرية صغيرة يمكن استضعاف فقرائها والسيطرة على مقاديرهم، فإن حقيقة أخرى رمى بها فيروس كورونا بوجه محتكرى القوة أن القرية الصغيرة إذا عطست بها نملة ستصيب الفيلة بالزكام – فما بالكم إذا انطلقت العطسة من فم وأنف تنين صيني وبسبب فيروس مرعب.. وأستدعي هنا رأيًا  للدكتور ألبرت آل جور نائب الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون طرحه في كتابه القيم المعنون بـ « المستقبل » يقول  « الغطرسة متأصلة في الطبيعة البشرية، وتشمل في جوهرها التباهي بالثقة العمياء في كمال فهم المرء لعواقب ممارسة السلطة في عالم قد تكون له تعقيدات لا تزال تتعدى حدود فهم أي كائن بشري ».. وهذا ما حدث بعد تسارع انشطار عدوى كورونا – هذا الفيروس الذي بدا أقوى من كل حاملات الطائرات، وبدت أمامه القنبلة النووية أضعف من حبة ليمون.. أعرف أن العالم سينتصر على الفيروس مهما كانت شراسته ، ولكن بعد أن نجح هذا المجهول في حبس مئات الملايين بمنازلهم رعبا من كائن لا يرونه.. حبس الملوك كما الصعاليك..  فيروس وزنه واحد على ألف من الجرام، ومع ذلك فقد واجه العالم بعلومه وعتاده وكل أسلحته وجعله يرتعش ويتصبب عرقا خوفا من أن يهزم أمام كائن لا يراه. تأمل هذا المشهد ليس بغرض التقليل من قدر العلم والعلماء – العكس هو الصحيح - لأن أكبر الساسة في العالم وعلى رأسهم دونالد ترامب أصبحوا أشبه بالمتسولين أمام مراكز البحوث، والمتلهفين لخبر علمى يثبت مقاعدهم المهزوزة.. أزمة العالم مع وباء الكورونا حتى لو انتهت قصته قبل نشر هذا المقال هي أزمة كاشفة عن فشل المفهوم الرأسمالي للعولمة، ومؤشر لفساد الفكر الاستراتيجي الذي بشر بعالم جديد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. الذي حدث بالفعل أن هناك عالمًا جديدًا يخلق ويكون ثم يحور إلى مفهوم « العولمة » ولكن بعد عشر سنوات فقط كان السقوط الأول لهذا النظام الجديد بعد تدمير أبراج التجارة العالمية في نيويورك 11 سبتمبر 2001، وبعد 7 سنوات كان السقوط الثاني عام 2008 أمام ما عرف بالركود العظيم عندما انهارت أسواق الأوراق المالية في مختلف أنحاء العالم انطلاقا من حقيقة أكبر فشل رأسمالي بالولايات المتحدة بعد انفجار فقاعة الرهن العقاري.. وبين 2001 و 2008 كان السقوط الأخلاقي والإنساني المدوي باحتلال أمريكا للعراق والكذب على العالم وفضيحة قطبي الرأسمالية الجدد آنذاك جورج دبليو بوش سيد البيت الأبيض وتونى بليز الذي قام بدور المحلل لأحقر عملية زواج في التاريخ .. وبعد 12 عاما من الاثنين الأسود 2008 كان الاثنين الأسود 10 مارس 2020 عندما انهارت أسواق الأسهم في أمريكا والعالم، وهذه المرة لم تأت الكوارث فرادى حيث تهاوت البورصات في نفس وقت الارتفاع الجنوني لأسهم فيروس كورونا في بورصات الرعب. العالم الجديد أو العولمة بمفهوم أقطاب اليمين الرأسمالي في الغرب تثبت الأزمات الكبرى أنه ليس أكثر من حالة من الفوضى وسيولة الدم العالمى دون رادع من أيديولوجيا أو قانون بعد أن بشر كهنة الرأسمالية الجدد بأن عصر الأيديولوجيات انتهى وأنها نهاية التاريخ حسب فوكوياما – إلا أن صمويل هنتجتون وهنري كيسنجر كانا أكثر صراحة ووقاحة حين بشرا بصراع وصدام الحضارات وأن الشيوعية إذا كانت قد دفنت فلابد من استحضار شيطان جديد – ومن المخزي والمؤلم أن الشيطان لم يكن سوى الإسلام المفترى عليه باسم الإرهاب، أما المسلمون وقود حروب العالم الجديد فإنهم كانوا ولايزالون أفضل فريسة تستغيث بالصياد إلى حد غوايته إن أعرض عنها.. المسلمون العرب تحديدا هم هذه الفريسة التي تستمريء قسوة الصياد ونذالته بعد أن تعرت أمامه متجردة من عروبتها وقوميتها وحتى عقيدتها .. أعتقد بغير مبالغة أن العالم بعد انتهاء عواصف الرعب من كورونا لن يكون هو نفسه قبل هبوب هذه العواصف.. أعتقد أن إدراكا جديدا بالحاجة لاحترام قوانين الطبيعة سيتولد لدى بعض أعداء السلام مع اللون الأخضر وعلى رأسهم المقامر الأمريكي دونالد ترامب.