رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

فى خندق واحد نجتمع لخير الإنسانية، الأعداء يتكاتفون معاً ضد جائحة الألفية الثالثة، تسقط الحواجز الأيديولوجية، وتنهار حدود اللغة والعقيدة والجنس، تُعلن الهدنة بين الشرق والغرب، ويتجمد صراع الحضارات، ويتوقف رجال الدين عن لعن الآخرين.

تتعطل الأحقاد مؤقتاً، ويتوقف نهر الكراهية عن التدفق، فثمة لحظات استثنائية يبكى فيها الشيوعى على خصمه الرأسمالى فى الجهة الأخرى، وتتعاطف فيها أسر هيروشيما ونجازكى مع ورثة من قاموا بإلقاء قنبلتى الموت على جدودهم، وينسى فيها اليهود حكاية الهولوكست، ويشعرون بالأسى لضحايا الفيروس فى بلد المحرقة، وينتهى سباق التسلح بين قطبى العالم، ويتنازل الصينيون عن ثأرهم التاريخى ضد الاحتلال اليابانى، وتغفر عائلات المساجين السياسيين للديكتاتور تشياوشيسكو ما فعله بهم.

ثمة لحظات استثنائية سيتركز فيها  العمل، المال، الجهد، الفكر، التأمل، البحث، الاستنباط على مواجهة المارد، وصده، وترويضه، والقضاء عليه. سيجتمع الفرقاء على ضفة واحدة، سيتفقون معاً، سينحون كل شىء يشتت جهدهم، وسيتعاونون من أجل العالم.

أقول لكم : تلك لحظات لا تتكرر كل عقد وربما كل قرن، يستذكر فيها الجميع الدرس الإلهى الخالد بأن كل الخلق إخوة، كلهم من أصل واحد: بيض، زنوج، خلاسيون، شرقيون، غربيون، ومن بلاد القارة القطبية، الجميع ولد آدم، الكل خلق الله، وخلق الله فى اختبار مصيرى لنسيان الصراعات والخلافات، كل الصراعات وكل الخلافات، والالتفات لخير الناس، وإنقاذهم والتوصل لعلاج بات لفيروس كورونا.

سيصل الخير ممن نراهم أشراراً، وسيأتى الغيث ممن نعتبرهم شياطين، وسنرى الدنيا أجمل بالحب، وأرحب بالسلام، وأنقى بالتعايش والتعارف بين الشعوب. سنبصر أن الاختلافات كلها لا تعنى شيئاً أمام الخطر، وأن الكراهية لا تصنع إمبراطوريات ولا تبنى حضارات.

تذكروا يا إخوتى هذه الأسماء جيداً: وليم توماس مورتون، طبيب أمريكى شهير عاش فى القرن التاسع عشر، وترك لمليارات البشر من بعده خيراً عظيماً عندما ابتكر سنة 1846 المخدر بعد أن كان الناس يموتون وجعاً فى العمليات الجراحية، ألكسندر فيلمنج، عالم اسكتلندى، اكتشف البنسلين ليستخدمه الناس فى كل مكان لعلاج الحمى، السل، وكثير من الأمراض المميتة، فردريك باتنج، طبيب كندى، استطاع باكتشافه الأنسولين أن يعالج آثار أحد أخطر الأمراض وهو السكر، وكان الناس يموتون منه.

هؤلاء وغيرهم قدموا للبشرية صنابير خير لا تنضب أبداً، علوم واجتهادات تُرجمت إلى حياة، فكانوا بما قدموا كمن أحيا الناس جميعاً.

البشر إخوة، فلا تكرهوا أحداً، وحسبنا الكلمات الرائعة التى صاغها لنا يوماً الصوفى الطيب محيى الدين بن عربى إذ يقول:

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبى

إذا لم يكن دينى إلى دينه دانى.

لقد صار قلـبى قابلاً كل صورة

فمرعى لغـــــزلان ودير لرهبانِ.

وبيت لأوثان وكعـــبة طـائـــفٍ

وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قــــــرآن.

أديـنُ بدينِ الحـبِ أنى توجـهـتْ

ركـائـبهُ، فالحبُّ ديـنى وإيـمَانى.

والله أعلم.

[email protected]