عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذا نبينا (2)

حرمة الدماء.. من أكثر ما أكد عليه نبينا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم  طيلة حياته للمسلم والكافر على حد السواء.. وكم تحتشد حياته بالأقوال والأفعال تأكيدا على هذا المعنى.

وإذا كان الأمر يتعلق بدماء المسلمين فالحرمة أكبر وأكبر.. وإن كان حق المسلم على المسلم يبدأ بالبسمة وبالنصح ونبذ الخصام.. "تبسمك في وجه أخيك صدقة".. و"لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث".. فمن الضروري أن ما كبر كان أكبر تأكيدا وأعظم حرمة.. ومع ذلك ظلت الدماء أكثر مايخشاه على أمته.. فراح يردد في كل موقف وبأكثر من لفظ.. "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".. ولنتأمل قليلا روعة وشمولية تعبير "كل المسلم" وما أراد أن يبلغه به.

وبينما ظل هذا الأمر هاجس يؤرق نبينا حتى آخر حياته.. حتى استنصت الناس في حجة الوداع ليحذرهم قائلا: " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".. "كفارا".. فسباب المسلم فسوق وقتاله كفر.. يخرج علينا اليوم دعاة اللعنة يفتون بقتل المسلمين.. يكفرونهم بالمعاصي.. ويستبيحون دماءهم لعرض الدنيا.. ويدعون بالباطل أن "جهلهم" من الإسلام.

وقبل أن يتخرص ضال من هؤلاء بتكفير المسلمين، لينزع عنهم عصمة الإسلام.. تعالوا نرى كيف كان يتعامل نبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم مع مسلمين تنزل آيات القرآن تخبر عن كفرهم.. وكيف كان حريصا على ألا تنتهك حصانة كلمة لا إله إلا الله، وإن قيلت كذبا ورياءا.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا من غزوة تبوك.. وبعلم النبوة أدرك أن فريق من المنافقين تآمروا على اغتياله عند عقبة في الطريق.. فأمر الجيش أن يسير في بطن الوادي.. ومضى لهم إلى العقبة ليس معه إلا الصحابيان الجليلان عمار بن ياسر و حذيفة بن اليمان.. وفي جنح الظلام جاء الملثمون، كانوا 14 نفرا لارتكاب جريمتهم واغتيال الرسول الأكرم.. وبالطبع خاب مسعاهم.

فلما افتضح أمرهم.. جاء الصحابي السيد في قومه أسيد بن حضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "والنص من كتاب المغازي للواقدي": يا رسول الله فقد اجتمع الناس، فمر كل بطن أن يقتل الرجل الذي هم بهذا، فيكون الرجل من عشيرته هو الذي يقتله، وإن أحببت، والذي بعثك بالحق فنبئني بهم فلا تبرح حتى آتيكم برءوسهم.

حديث طويل دار بين نبي الرحمة والصحابي الجليل.. يرفض فيه نبينا صلى الله عليه وسلم الانتقام لنفسه أو معاقبة المجرمين.. ليصل بنا الحوار إلى أعظم وثيقة في التاريخ لحفظ دماء كل من قال لا إله إلا الله.. فمع إصرار ابن حضير على معاقبة المجرمين..

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله”؟

ابن حضير: بلى، ولا شهادة لهم

قال: أليس يظهرون أنى رسول الله”؟

ابن حضير: بلى، ولا شهادة لهم 

رسول الله: فقد نهيت عن قتل أولئك.

وتعالوا هنا نتأمل الرسالة التي أراد نبي الإسلام أن يبعث بها لأمته.

فهذا هو نبي الله يحاول المنافقون قتله.. وهذا هو رأس الدولة وقائد الجيش المنتصر يتعرض لمحاولة اغتيال.. الجريمة ثابتة.. والعقاب هو القتل لا جدال.. والتنفيذ سيكون أيضا على يد قبائل وأهل الجناة.. ومع ذلك يرفض القائد العظيم معاقبتهم محتجا بشهادتهم أن لا اله إلا الله وإقرارهم أنه رسول الله وإن كانوا يبطنون غير ذلك.. فهل كان يخاطب نبينا في هذا الحوار أحدا غير المسلمين في هذا عصرنا هذا.. هل هناك رسالة أبلغ لتحريم دم المسلم وعدم تكفيره.. والمسلم هنا ليس مجرد مسلم عاص بل منافق تفضح السماء كفره.. ياله من درس عظيم يعلمنا به نبي الرحمة معنى حرمة دماء المسلمين والكف عن التفتيش في سرائرهم.. إنهم منافقون تفضحهم السماء ليس لهم إسلام ولا شهادة.. وربما يشكلون خطر على الدولة.. لكنهم يقولون لا اله إلا الله فصارت دماؤهم حرام.. وإن كان هذا نهج نبينا صلى الله عليه وسلم،

فهل يستطيع داعية من دعاة إبليس المستبيحين لدماء المسلمين أن ينسب جهالاته لرسول الله.. هل يستطيع مأفون ممن أبتلينا بهم اليوم أن يجد مبررا لقتل مسلم.. أوينسب نفسه لنبي الرحمة.. أيها الجهلاء هذا نبينا.. فمن نبيكم أيها المدعون وعن أي دين تتحدثون.