رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

على مدار 17 عامًا، وتحديدًا منذ بدء الغزو الأمريكى للعراق فى مارس 2003، لم تتحقق أيٌّ من الوعود التى قطعها «الحكام» لأبناء شعبهم، بعد تسلمهم مقاليد السلطة، حتى تبوأت البلاد أسوأ المراكز فى التصنيفات العالمية.

للأسف، تحول العراق إلى واحد من أفسد بلدان العالم، لتشير أصابع الاتهام بوضوح إلى الحكومات المتعاقبة والسياسيين البارزين والأحزاب التى تتصدر المشهد، والذين «يتنافسون» جميعًا على مكاسب وحصص أكبر فى مشاريع أغلبها «وهمية»!

المؤسف أنه منذ بدء احتلال العراق، انهارت الخدمات العامة، بدءًا من الصحة والتعليم والكهرباء والمياه، مرورًا بالأمن والاستقرار، وليس انتهاء بظهور «مليشيات نافذة»، تعتبر الدرع الحامى لأحزاب وسياسيين متهمين بالفساد.

انتظر العراقيون كثيرًا، وعودًا بالمن والسلوى، وعندما لم يتحقق ذلك، ظهرت أصوات «عالية» على الساحة العراقية تحن إلى زمن حكم حزب، وحقبة صدام حسين، فيما يشبه تطبيقًا عمليًا لنظرية «متلازمة استكهولم»!!

لقد فشلت الحكومات العراقية المتعاقبة، وكذلك الاحتلال الأمريكي، تحييد المشاعر الشعبية الساخطة على الوضع القائم، فيما يشبه مشاعر الحنين للعهد البائد، حيث لم تتحقق «مرحلة الخلاص» التى كان العراقيون يمنون بها أنفسهم.

خلال تلك السنوات، بدا ظاهريًا أن العراق انتقل من سلطة الحزب الواحد إلى تعدد الأحزاب، ومن حكم الفرد إلى دولة المؤسسات، مع تنوع إعلامى لم يكن موجودًا من قبل.. لكن إذا كان الأمر على هذا النحو، فلماذا يتمرد العراقيون على واقعهم ويحنون إلى الماضي؟

الجواب فى اعتقادنا أن الأحزاب التى شكلت «النظام الجديد» على أنقاض «البعث»، أنتجت بنية سياسة هشَّة، قائمة على المحاصصة والخلافات والنزعات الطائفية البغيضة، وإن كان بلباس الديمقراطية!

لعل أكثر ما يحتاجه الشعب العراقى هو حكومة «وطنية» حقيقية، غير مرتهنة للخارج، تتعاطى مع جميع الأطياف على أسس المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية، تستند إلى الشفافية والمحاسبة والقضاء المستقل، وليس ديمقراطية فاسدة مغشوشة.

لكن اللافت هو أن الساخطين على الفساد وتراجع دور الدولة وتعاظم الطائفية حين أرادوا أن يعبروا عن سخطهم، لم يجدوا ما يعكس الوضع البائس الذى يعتمد خطابه على لعن الماضى إلا الحنين بالعودة إليه، والتذكير بما كان فيه من إيجابيات تتمثل بالاستقرار واستتباب الأمن، وحالة من الثبات الاقتصادي!

للأسف، بعد مرور تلك السنوات، تكشفت خطورة نتائج الغزو الأمريكى للعراق، والتى لم تقتصر على إسقاط نظام صدام فقط، بل إنها أسهمت بشكل كبير فى تغيير التركيبة السكانية والاجتماعية، خصوصًا اختراق منظومة القيم والأخلاق والتقاليد المجتمعية والعشائرية السائدة.

إن المتابع للشأن العراقى بعد الغزو الأمريكى وما تبعه من أحداث كارثية، يلحظ بوضوح أن الخطورة ليست فى انتشار العنف والفقر والبطالة وسوء الخدمات فحسب، ولكن استفحال كثير من الظواهر الدخيلة التى لم يعرفها العراقيون فى سنوات ما قبل الاحتلال، لبلد ظل متماسكًا اجتماعيًا، ومعروفا بتقاليده وعاداته الأصيلة.

لقد أصبحت الحالة العراقية عصية على الفهم والإدراك، بعد أن تحول المواطن إلى إنسان عاجز مفكك لا يملك أى أُطر تُعبر عن تطلعاته وطموحاته، بل وتجريده من مواطنته ومبادئه، وانسلاخه بالدرجة الأولى عن دولته ومجتمعه.

أخيرًا.. نتصور أنه إذا كان ما تشهده بلاد الرافدين منذ عقود، مؤامرة مدروسة بعناية فائقة لتدمير بنية المجتمع وتفتيتها، تحت مسميات خادعة، لكن الأمل يظل قائمًا باستعادة العراق لدوره الحقيقى والحضاري، شريطة ألا يركن إلى «حنين الماضي».

[email protected]