رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

ما أن ظهر فيروس «كوفيد 19» كورونا.. حتى انطلق العالم في سباق محموم.. للبحث عن مصل أو إجراء احترازي.. لكن المصريون.. كعادتهم.. اختاروا طريقا آخر للتنافس.. «السخرية».. دأبهم في الأيام السوداء.. وزادوا عليها حديثًا تناقل الأخبار.. الكل أصبح صحفيًا.. وليس مهمًا صحة ما ينقل.. المهم «السبق» الذي عجزت عنه الصحافة اليومية.

ورغم فلسفة السخرية والتصاقها بالمصريين.. إلا أنها لم ترقني هذه المرة.. وقد تحول الأمر إلى استهتار وفوضى وسلوكيات لا تطاق.

فقد كشفت هوجة الكورونا المصرية.. الكثير من مكامن الخلل في المجتمع.. أولها أننا مجتمع غير مستعد لأي إنذار عالمي.. سواء أكان مناخيًا أو وباء عالميًا.. وثانيها تراجع قيمة الإنسان.. ليس في نظر الحكومة «لا سمح الله»، بل في نظر الشعب.. الذي بات يعذب نفسه بنفسه.

ومن ذلك.. تجبر بعض الصغار على من تحت أيديهم من موظفين.. وعدم إدراكهم لمعاني كلمات.. كتبها المصريون العظماء.. في برديات بناء الأهرام ويوميات العمال.. وكانت تشكل سببًا وجيهًا لديهم لمنح المصري إجازة مدفوعة الأجر.. مثل مصاب بالإجهاد.. إرهاق.. صداع.. مناسبة عائلية سعيدة أو غير ذلك.. فقد أصبحت مثل هذه الكلمات اليوم تعرض صاحبها للسخرية وربما المهانة إن طلب إجازة بسببها.. وبالتالي لا معنى لأمراض.. كنزلة برد شديدة.. أو إجهاد أو ضغط مرتفع.. عند الصغار المتحكمين في الأرزاق اليوم.. أعرف شخصيًا من ظل يترجى إجازة لشعوره بالتعب حتى خرّ صريعًا.. وتتناقل وسائل التواصل قصة لشاب كان يعمل بأحد البنوك الأجنبية في مصر.. ظل يترجى راحة من مديره، حتى سقط ميتًا وسط البنك، بسبب الإجهاد.

وأخبرني العديد أن هناك شركات أجنبية عاملة في مصر.. ألغت نظام البصمة منعًا لانتشار كورونا.. أو سمحت لموظفيها بالعمل من المنزل تلاشيًا للعدوى.. لكن صغار الجبابرة في الأفرع المصرية رفضوا تطبيق ذلك على المصريين.. وأجبروهم على البصمة.. بل وأجبروا من ظهرت عليهم أعراض الأنفلونزا على الحضور والعطس في وجه زملائهم في العمل.. لما لا و"العبد أضن بمال سيده من سيده".. وفي مدارسنا الخاصة أيضا.. أجبرت إدارة من هذه النوعية الرديئة معلمة على الوقوف أمام الأطفال بأنفلونزاتها وسعالها.

والقضية ليست بسيطة.. وفي مضمونها الكثير من المخازي.. بدءًا من انهيار الأخلاق ووصولا إلى غياب أي نوع من الحماية للعمال. فوضى تعايشنا معها جميعًا.. وسوق عمل تحول إلى الاستعباد.. بلا رادع أو قوانين.. لمن أمنوا العقوبة فأساءوا الأدب.  وفي النهاية أنقل لكل مصري مسترق بلا حماية، أطرف ما سمعت.. لا داعي للشكوى.. «اعطس في وجه مديرك الذي رفض منحك الإجازة».. ربما تكون مصابا بكورونا فتقدم خدمة جليلة لرفاقك وللإنسانية قبل الرحيل.