هناك دول بحكم قواعد وضرورات الجغرافيا لابد أن تظل فى دائرة الدول الصديقه لنا حتى وان كان الواقع يطفح بمشكلات معها بين الحين والحين.. من هذه الدول اثيوبيا والسودان، واليوم دعونى أتناول علاقتنا بإثيوبيا وضرورات الوفاق مع هذا البلد ليس رضوخا لحاجتنا لحصتنا من مياه النيل، لأنه لا النيل ولا مياهه شأن إثيوبى، وانما هو ملك وشأن دول حوض النيل مجتمعة.. ولكى نبنى علاقات جيدة ونافعة يحرص على استمرارها الاثيوبيون كما المصريون وأكثر فليس أمامنا الا أن نتحلى بشيء من الوضوح فى فهم الشأن الإثيوبي. نحن وعلى كل المستويات الشعبية والرسمية لا نعرف إثيوبيا ولا عن إثيوبيا ما يكفى للتعامل مع هذا البلد بما يتناسب مع أهميتنا له وأهميته لنا.. فى عدد مايو 2012 نشرت مجلة فورين أفيرز تحت عنوان «سد نهضة الإثيوبي» عن حقائق كثيرة من المهم جدا لنا كمصريين أن نتعرف عليها لكى لا تأخذ البعض الرعونة وحمق التقدير الى حيث لا نحب ولا نتمنى.
وقبل استعراض التقرير يهمنى الاشاره الى أن فورين أفيرز «هى مجلة أمريكية تصدر كل شهر عن مجلس العلاقات الخارجية، وهو خلية تفكير مستقلة متخصصة فى السياسة الخارجية» هناك تنمية حقيقية فى إثيوبيا من منتصف التسعينيات، وفى المقابل ومن مطلع السبعينيات وحتى سقوط مبارك وعصره كنا نتعامل مع اثيوبيا باستعلاء لا مبرر له خاصة فى العقد الأخير من حكم مبارك.. غابت مصر عن إثيوبيا سياسيا من مطلع التسعينيات وقت تسلم « ميلس زيناوي» رئاسة اثيوبيا حتى عام 1995 ثم رئيسا للوزراء من 1995 وحتى وفاته فى 20 أغسطس 2012.
ووفق تقرير فورين أفيرز - عدد مايو 2012 - وضع زيناوى خططا طويلة الأمد تهدف إلى إقامة آلاف المزارع الصغيرة والصناعات المتوسطة القائمة على الزراعة، ثم تحويلها إلى اقتصاد صناعى زراعى بربطها مع الموارد الطبيعية ومع القطاعات النامية الأخرى مثل البناء والتشييد والأسمنت والتعدين والمنسوجات، بما سمح لإثيوبيا بتحقيق نمو أكثر من11% في2012، وعلى مدار10 سنوات متتالية، وحسب الخطة، فإن القطاع الزراعى سيكون هو الرائد بحلول2015، انتهاء بأن أصبحت إثيوبيا تصدر بما قيمته 4 مليارات دولار تقريبا في2011-2012، اعتمدت فيها على صادرات الذهب والبترول والبن حيث إنها أكبر مصدر للبن بقيمة841.7 مليون دولار.
وفى التعليم، كانت نسبة الأطفال الذين يلتحقون بالتعليم في20,1991% من إجمالى عدد الأطفال وصلت اليوم إلي95% بإجمالى عدد 20 مليون طفل في21000 مدرسة إعدادية وثانوية، و31 جامعة وأكثر من 60 كلية خاصة، وزادت شبكة السكك الحديدية بمقدار1200 ميل، بما سمح لإثيوبيا بمدها إلى ميناء لامو الذى اكتشف فيها البترول والقريب الحدود مع كينيا، بإجمالى تكلفة تصل إلي23 مليار دولار، وكل ذلك أدى حسب الخطط التى وضعها مليس زيناوي، إلى أن تتحول إثيوبيا بحلول2025 إلى دولة ذات اقتصاد متوسط الدخل بالمعايير العالمية.
وحسب التقرير فإن إثيوبيا لديها2 مليون مهاجر يعيشون فى الخارج أرسلت لهم سندات للمشاركة فى بناء سد النهضة، أقل قيمة للمشاركة فيها بمبلغ50 دولارا، وكان ميليس زيناوى يحرص على مقابلة كل من يأتى منهم إلى إثيوبيا وعلى مدى ست سنوات متتالية، كان معدل النمو السنوي10% بسبب تشجيع القطاع الخاص. وتعتبر الهند من أكبر المستثمرين فى القطاع الخاص فلها 250 شركة بإجمالى استثمارات4.35 مليار دولار، فى مجالات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات، وفى النسيج هناك مجموعة أيكا التركية التى تستثمر فى صناعة القطن، والملياردير السعودى الإثيوبى الشيخ العمودى اعتبر إثيوبيا قاعدته الإفريقية بـتأسيس مجموعة ميدروك التى تستثمر74 مليون دولار بينما تستثمر مجموعة ديربا3.4 مليار دولار ويكفى أن تقرير البنك الدولى في2011 بعنوان دعوة إلى إقامة أنشطة تجارية، يعتبر إثيوبيا أفضل من بعض دول البريكس.
سد النهضة مقدر له انتاج 5.250 ميجاوات والذى تبنيه شركات المقاولات الإيطالية وتمويل صيني. هذه هى إثيوبيا التى لايعرفها الكثير من دعاة الصدام مع بلد يمكن أن تكون العلاقات الجيدة والمستقرة معه بمثابة نيل جديد من المنافع المتبادلة.