عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

 

يعيش العالم ـ في الآونة الأخيرة ـ بعض «المصادفات» المتعلقة بأحداث كبرى، تجعل بعض بلدانه، في محاولة مستمرة لاختلاق قصة منها، وتحويلها على الفور إلى نظرية مؤامرة!

في عالمنا العربي ـ تحديدًا ـ نعيش قصصًا ممتدة لأكثر من قرن، أبطالها «أخيار» ضعفاء، في مواجهة «أشرار» نحملهم مسؤولية كل الأشياء التي نكرهها، باعتبار جوهر نظرية المؤامرة لدينا قائم على الكُرْه!

ربما يرى كثير من هؤلاء «الأخيار» أن أسباب الكُرْهِ تكمن في عروبتنا أو ديننا، وآخرون يرونها نابعة من أطماع وأحقاد غربية، لامتلاكنا النفط والثروات، في مقابل شريحة واسعة تعزوها إلى الفقر والضعف، وأن الكراهية متجذرة وممتدة منذ الحروب الصليبية، وربما قبل ذلك!

تلك الإشكالية الجدلية تتجدد في أذهاننا كلما حلَّت بنا كارثة أو مصيبة، كما يحاول الآن كثير من «الأخيار» تبرير انتشار وباء كورونا، المنتقل من الصين إلى معظم بلادنا العربية، بأنه «عقاب إلهي»!

لكن بعض «الأخيار» من «ذوي العقول» يعارضون هذا المنطق، ويُخْضِعون الأمر للعقل والعلم والواقع، فالكوارث ـ برأيهم ـ لا تفرق بين الأديان، لأنها أصابت أتباعها على اختلافهم قبل ظهورالإسلام، ثم بعد ذلك جموعًا من المسلمين مشهود لهم بالورع والتقوى.

إن تاريخنا حافل بكثير من الأمثلة لاستبعاد نظرية المؤامرة، بدءًا بما حلَّ بالمسلمين من مجاعة في السنة الثامنة عشرة للهجرة، أو «عام الرمادة»، تزامنًا مع «طاعون عمواس» الذي وقع في بلاد الشام، ومات بسببه قرابة 30 ألف مسلم، بينهم عدد من كبار الصحابة.

أما هؤلاء الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة، فيمكنهم عقد مقاربات عن نِعَمٍ كثيرة يتمتع بها المسلمون.. وغيرهم، وكوارث وأوبئة يتعرض لها مسلمون وغير مسلمين، فهل نُخْضِع تلك النِّعم والكوارث لمنطق هؤلاء، أم كيف نُفَرِّق بين الانتقام والابتلاء، وفقًا لمنطقهم، التي لا تُمَيِّز بين أتباع الديانات السماوية أو غيرهم ممن لا دين لهم؟!

نتصور أن هذا الجدل يجب أن يتوقف، لأنه لا طائل من ورائه، فالذين يوزِّعون النعم والكوارث بشر غير معصومين.. محجوب عنهم الغيب، ولا يستطيعون معرفة ما كتب الله لهم من عذابٍ أو رحمة، فكيف لهم أن يعرفوا ما كتب الله لغيرهم؟!

لعل الانتشار المتمدد لـ«كورونا» جعلنا نلحظ ضعفًا في العقول والإدراك، من خلال «تطويع الفيروس» بأنه «رد إلهي لنصرة مسلمي الإيجور»، كما جعلنا نكتشف وباءً فكريًا لدى آخرين، يعتقدون أنه «حرب بيولوجية» سرية استهدفت الصين، أو بسبب تناول الخفافيش والثعابين والحشرات، وترْك «الطعام الحلال»!

اللافت أنه خلال الفترة الماضية، منذ ظهور وانتشار هذا الوباء حول العالم، وانتقاله «ضيفًا ثقيلًا» غير مرحب به في عالمنا العربي، تابعنا علاجات «ناجعة» من «عطَّارين»، ووصفات «إسلامية» لبعض «المشايخ والدعاة»، الذين ـ كما غيرهم ـ برعوا في ممارسة دور العلم والطب!

أينما تولِّي وجهك عبر مختلف وسائل التواصل، تلاحقك الشائعات والرسائل والمنشورات، في استغلال مفضوح لمخاوف الناس، واللعب على أوتار الجهل والقلق، ليختلط «الديني» بـ«العطارة» أو «الطبي»!

«وصفات سحرية» تبدأ من تناول بول الأطفال، أو مشروبات «العِطارة»، مرورًا بالأدعية والكمامات، وليس انتهاءً بالحبة السوداء والتمر، أو الوضوء والاغتسال والسواك... في مواجهة «كورونا»‎!

أخيرًا.. من المؤسف استغلال «الأخيار» انتشار «الفيروس» في الكيد السياسي، لإلقاء اللائمة على دول بعينها، أو المجاهرة بالدعاء على هؤلاء «الأشرار»، لأنهم يستحقون «العقاب الإلهي»!!

[email protected]