رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

 

 

 

 

يأتى التاسع من مارس كل عام بذكرى أعظم الثورات فى حياة هذه الأمة.. ذكرى ثورة 19 التى شكلت هوية هذه الأمة، ورسخت مبادئ وأسسا لكثير من شعوب العالم، وغيرت من أفكار وتوجهات الدول الاستعمارية تجاه شعوب ودول العالم الثالث.. وتعد ثورة 19 هى ثانى أعظم الثورات فى حياة البشرية بعد الثورة الفرنسية التى غيرت مجرى الحياة فى أوروبا والعالم الغربى، ويعيش على مبادئها حتى الآن.. وبعد مرور حوالى قرن من الزمان تأتى الثورة المصرية عام 1919 والتى سميت بثورة الشرق والثورة الكبرى فى مواجهة بريطانيا العظمى والغرب بشكل عام.. بأهداف محددة وهى إسقاط الاستعمار وهيمنة الدول العظمى على دول العالم الثالث، وبسط نفوذها العسكرى والسياسى عليها بهدف سلب ثرواتها الاقتصادية والحضارية، فضلاً عن بسط نفوذها الثقافى بهدف تغيير هوية هذه المجتمعات، ونشر وتعميق ثقافة الدول الاستعمارية بهدف تحطيم ثقافة وكرامة هذا الشعب.

من هنا جاءت عبقرية سعد زغلول فى مواجهة بريطانيا العظمى بنفس أفكارها وفى اتجاهين متوازيين، الأول: وهو عملية التمصير بهدف الحفاظ على الهوية المصرية بكل مكوناتها الثقافية والاجتماعية، واستخدام اللغة العربية فى كل مناحى الحياة فى مواجهة تمدد اللغة الإنجليزية، واستطاع سعد زغلول خلال توليه وزارة المعارف من عام 1906 حتى 1910 تعميق هذا المفهوم إلى حد أنه رأس أول اجتماع جمعية عمومية لإنشاء النادى الأهلى عام 1907 وهو وزير للمعارف، بسبب قيام بريطانيا بإنشاء نادى السكة الحديد عام 1903 وقصر دخوله على البريطانيين والأجانب المقيمين فى مصر، ثم كان دوره كوزير للحقانية من 1910 فى عملية التمصير بالمحاكم المصرية وغيرها من عمليات التمصير سواء بإنشاء مطبعة مصر أو دار مصر للسينما والتمثيل، بهدف الحفاظ على الثقافة المصرية وقيم المجتمع المصرى فى مواجهة الثقافة البريطانية إلى حد تأثر الإنجليز أنفسهم باللغة والثقافة المصرية.. ثم تأتى عبقرية سعد زغلول فى الاتجاه الثانى عندما أيقن أن محاولات الزعيمين الوطنيين مصطفى كامل ومحمد فريد لم تأت بكامل ثمارها بسبب غياب الجماهير.. وقرر استخدام قوة الجماهير فى مواجهة المحتل وإشراك الشعب المصرى كله فى قضيته الوطنية، ولذلك عندما رفض السير ونجت المندوب السامى البريطانى طلب سعد زغلول ورفيقيه عبدالعزيز باشا فهمى وشعراوى باشا جمعة كممثلين عن الشعب فى الجمعية التشريعية، بحجة أن الجمعية التشريعية المصرية معطلة بسبب الحرب العالمية الأولى فى هذا الوقت.. توجه سعد زغلول مباشرة إلى الشعب، وجاءت توكيلات الشعب لسعد زغلول والوفد المصرى مذهلة عندما وصلت إلى ثلاثة ملايين توكيل فى أقل من شهر، تمثل غالبية الشعب المصرى فى هذا التوقيت، وهنا أيقن سعد زغلول نجاح مشروعه الوطنى هو وقادة الحركة الوطنية.. وهنا أيضاً استشعرت بريطانيا العظمى الخطر الشديد من هذا الرجل وزملائه قادة الحركة الوطنية بعد أن دخل الشعب المصرى المعادلة السياسية ليأتى الرد الإنجليزى بنفى سعد زغلول ورفاقه خارج البلاد يوم 8 مارس 1919، وتندلع الثورة فى اليوم التالى، وتبدأ شرارتها الأولى من جامعة فؤاد الأول، وتتحول مصر إلى كتلة لهب فى مواجهة الإنجليز فى كل مكان، ويقف العالم مدهوشاً أمام هذه الثورة التى لا تنطفئ.. وتتأثر كثير من دول العالم بثورة الشرق، ويأتى غاندى فى الهند سائراً على درب سعد زغلول معلناً أن سعد ليس لمصر وحدها وإنما للعالم أجمع، ويعلن العصيان المدنى فى الهند سيراً على درب أستاذه سعد زغلول، وتنفجر ثورة العراق وغيرها من الثورات فى دول العالم بعد أن نجحت الثورة الأم أو ثورة الشعب فى مصر.

الآن ونحن نحتفى بالذكرى الأولى لثورة 19 فى بداية مئويتها الثانية نقف أمام ثوابت تاريخية مهمة يأتى على رأسها عظمة هذا الشعب عندما يحدد أهدافه ويجمع على مشروعه الوطنى، وليس أدل على ذلك من ترسيخه لدولة المواطنة قبل قرن من الزمان عندما أراد الاحتلال شق صفوفه ليرفع شعار الدين لله والوطن للجميع، وعاش الهلال مع الصليب فى الثورة الأم.. ثم يحقق المفاجأة فى إنشاء أعظم اقتصاد وطنى عندما سحب أمواله من البنوك الإنجليزية وشراء صكوك بنك مصر، ويقوم بإنشاء مصانع النسيج وغيرها من المصانع لتحتل مصر المرتبة الأولى فى الاحتياطى الذهبى فى العالم، وكذا تحرير المرأة المصرية ومنحها كافة الحقوق السياسية والاجتماعية.. وبعد استقلال مصر فى عام 1922 سطر الشعب المصرى دستور 1923 الذى رسخ لدولة المواطنة والقانون والحريات والمساواة وحقوق العمال وغيرها من المبادئ التى جعلت مصر على رأس الدول المدنية، وتفجرت الإبداعات المصرية فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والفنية والثقافية والأدبية لتترسخ هوية مصرية يصعب خدشها أو الاقتراب منها حتى هذه اللحظة وليس أدل على ذلك من 30 يونيو الذى خرج فيه كل المصريين لمواجهة وإسقاط المشروع الدينى على يد الجماعة الإرهابية.

نائب رئيس الوفد