عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

لاتقرأوا ما حدث في ختام مباراة السوبر بين الأهلى والزمالك في دبي أو ماحدث في قمة الدورى قبل يومين على اعتبار أنه سلوك غير رياضي من بعض اللاعبين أو الاداريين أو رؤساء أنديه.. ماحدث ويتكرر حدوثه في ساحات الرياضة والفن وفي الشارع والمدارس والجامعات يعكس أزمة مجتمع انفصل أو اقترب من الانفصال عن أبسط القيم المجتمعية الراقية.. المسألة ليست في لاعب أو فنان استمد شهرته الطاغية من فساد فنه وذوقه ولكنها في مجتمع خرج من بين ضلوعه أمثال هؤلاء، وهم أولاً وأخيرًا من نبتنا، ومن نبت الحالة المتردية للثقافة والتنوير في مصر.. الدولة بكل مؤسساتها تتحمل مسئولية كبرى عن حالة التخلف المجتمعي لأنها مطالبة من خلال مؤسسات الثقافة والاعلام والتعليم أن تنفق على التثقيف والتنوير والارتقاء بالناس وليس النزول بهم للحضيض سواء بالاهمال أو برعايتها حينًا وصمتها حيناً حيال رموز فاسدة ومفسدة.. ماحدث في نهائي السوبر المصري بدبي وفي قمة الدوري قبل يومين والتي كانت مقررة باستاد القاهرة فضيحة قومية ليست أقل خطرًا مما يقوم به أو يدبر له أشد خصومنا عداوة.. الارهاب المسلح يصيب الجسد والحجر، أما تدمير العقول وبخس النفوس وتشويه الروح – فهو قتل وشهادة وفاة مبكرة للمستقبل.. وإذا كانت الدولة تعاقب بشدة من يحرض على الإرهاب ضد فرد أو جماعة أو منشأة وهذا حقها وحقنا عليها، فالأجدى أن تعاقب ووفق القانون من يدمر وعلى الهواء مباشرة مجتمعا بأسره عندما يطعنه في كبريائه وكرامته وذوقه.. صحيح أن المجتمع الذي أتحدث عنه هو من أفرز تلك الوجوه وأحبها وانقلب عليها عشرات المرات، ولكن الحقيقة المؤكدة أن كلمة مجتمع بعموميتها ليست ماء سائلا بلا مجرى.. المجتمع هو أنا وأنت وهي وهو وكل الناس من حولنا، واذا لم ندرك عواقب مانفعل – سنتمادي في القبح وسنربي أبناءنا على حقيقة تقول: « كلما كنت قبيحًا فجًا هابك الآخرون «.. غياب القيمة والمعنى في الإعلام والتعليم وعلى المسرح وشاشات السينما، وفي الشارع، وداخل الجامعات والمدارس، وحتى داخل دور العبادة  - كل هذا أوصلنا الي ماحدث في دبي وباستاد القاهرة.. اللاعب المصري محمد صلاح جذب جماهير عريضة لمتابعة الدورى الانجليزي وغيره من الدوريات الأوروبية – ولو تأملنا سلوك اللاعبين  والمدربين والجمهور بالمدرجات أثناء وبعد انتهاء أي مباراة سنعرف الفارق بين مجتمع ومجتمع، وبين ثقافة وثقافة.. وبعد فضيحة أكبر ناديين بمصر يجب التأكيد على أنه  لافرق على الاطلاق بين لاعب مشهور جاهل وبين متحرش أو مرتشى.. لافرق عندي بين مطرب يغنى للمخدرات وزنى المحارم، ورجل دين متعصب بجهل وانغلاق يكفر ضمنا أعظم جراحي العالم لأنه على غير ملته.. كل هؤلاء وجوه لعملة واحدة..  عملة التخلف والجهل والفساد وغياب الدولة عن ساحات التنوير الحقيقي وليس «الوظيفي».. ماذا ننتظر من اتحاد كرة يضع البيزنس قبل الرياضة.. ماذا ننتظر من إعلام رياضي محرض على العصبية ؟ ماذا ننتظر من برامج توك شو بينها وبين العقل والفكر والثقافة عداء مستحكم ؟  الحقيقة أن المجتمع المصري المعاصر في أزمة ليست من صنعه بقدر ما هي نتيجة طبيعية لإهمال القيمة مقابل الثمن.. إهمال العقل لصالح النقل.. احتقار المعنى لصالح التهريج والابتذال.. احتقار التفكير لصالح التكفير.. احتقار المستقبل لصالح مجاذيب الماضي.. وما يحزنني أن من بيدهم الحل والعقد لايقدرون خطر إهدار فرص التقدم ولا يقدرون خطر غياب التسويق الذكى والمنظم لما يتحقق على الأرض - لكن -  من الأمانة القول بأن الأمم لا ترتقى فقط بالمدن الذكية وإنما بالعقول والنفوس الذكية.. لو أن الحجارة تحفظ الحضارة لجعلتنا الأهرامات اليوم في مقدمة العالم وتاج راسه.