رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

لم أصدق ما حكاه لى، ليس صحيحا أن بعض المصريين يعملون مقابل أجر شهري 200 جنيه، أقسم بالله أنها الحقيقة، وأبدى استعداده لإرسال نسخه من العقد، أكد أنه ليس وحده بل المئات، وربما ألاف من المدرسين في المداس الخاصة مثله، قال أغلبنا يعمل منذ سنوات، وبعضنا ينفق على أسرة، قال: هل تتخيل أن يعيش مواطن وزوجته وأولاده بمبلغ 200 جنيه في الشهر؟، فما بالك أن يكون هذا المواطن هو المدرس، المربى الذي يقوم على تربية وتعليم أولادك؟، بالله عليك كيف تطالب هذا الإنسان أن يؤمن بالوطن؟، كيف نطالبه بأن يكف عن الدروس الخصوصية؟، كيف نحميه من الفكر المتطرف؟.

اتصل بى منذ يومين، عرفني بنفسه، واستسمحنى أن أسمعه، وأن أطرح مشكلته ومشكلة المئات، وربما آلاف المدرسين والموظفين والعاملين في مصر، نبرات صوته مشحونة بغضب ومرارة، بدأ حديثه بسؤال، وجهه لي كالسهم: هل ممكن حضرتك تعيش بـ 200 جنيه في الشهر؟، هل ممكن أن تنفق على أسرة بهذا المبلغ؟.

بعد قيام ثورة يناير، ثارت مشكلة بعض المدرسين، واستمعت لمداخلات بعض شباب المدرسين مع بعض البرامج الفضائية، وعرفت أنهم يعملون باليومية، وأن راتبه الشهري لا يتعدى 104 جنيهات في الشهر، فوجئت بالرقم، وتألمت جدا يومها لأن احدهم كان يشكو من انقطاع المبلغ، فقد قامت المدرسة التي يعمل بها بالحصة بالاستغناء عن خدماته، واستغاث على الهواء برئيس الحكومة وبرئيس الجمهورية، يومها اتصلت بأحد الأصدقاء واستفسرت منه عما استمعت إليه، وأذكر انه قال: إن بعض الخريجين بدلا من الجلوس بدون عمل يعرضون خدماتهم على المدارس، ويستعينون ببعضهم للتدريس بالحصة، وأكد أن المعينين يتقاضون رواتب مرتفعة.

عرفت من المتصل أنه يعمل في إحدى المدارس بمدينة طنطا، وأنه يعمل منذ سنوات، وأكد أن جميع المدرسين في المدرسة الخاصة التي يعمل بها غير معينين، بعضهم منذ سنوات، وراتبه لا يزيد عن 200 جنيه، والقديم والمميز منهم يتقاضى 250 جنيها، وأكد أنهم يعملون بدون تأمين اجتماعى أو صحي، وان صاحب المدرسة يطرد من يطالب بزيادة راتبه ويأتي بآخر، وأنهم يستعينوا بمدرسي المواد الأساسية فقط، ولا يوجد في المدرسة مدرسين للألعاب أو الموسيقى أو الرسم أو حتى أخصائية اجتماعية أو ممرضة أو مراقبة صحية، سألته عن لجان التأمينات ومراقبة مديرية التعليم، أكد أن بعض اللجان تفوت على المدرسة، ويسألون عن التأمينات والعقود والتأمين الصحي، لكن أصحاب المدارس يتغلبون على السؤال والتفتيش بالهدايا أو بالرشوة، وحالنا أكبر دليل عن فساد هذه اللجان، وأقسم أن جميع (ربما قال: معظم) مدارس مدينة طنطا ومحافظات مصر بهذا الوضع.

هذه القضية المؤسفة أضعها أمام الحكومة، ووزارة التعليم، ووزارة التأمينات الاجتماعية، ووزارة الصحة، كيف يرخص لبناء مدرسة قبل أن يقدم المالك عقود لمدرسين وعمال ودادات مؤمن عليهم اجتماعيا وصحيا؟، كيف نترك هؤلاء التجار يتاجرون بحاجة شبابنا الخريجين؟، كيف نتركهم يتربحون على حساب تعب وعرق أولادنا؟، أين لجان التأمينات الاجتماعية، ولجان التأمين الصحي، والجهاز المركزي للمحاسبات، والرقابة الإدارية، ومصلحة الضرائب؟، كيف نترك هذه المنشآت تعمل حتى اليوم؟، من المسئول عن هذا الفساد؟، لماذا يترك هؤلاء التجار الفسدة يمصون دماء وعرق أولادنا الخريجين؟، لماذا نتركهم يهددون أمن مصر القومي؟.

يجب أن تجبر الحكومة أصحاب هذه المدارس على تعيين أولادنا بمرتب مماثل لزملائهم في المدارس الحكومية، وأن تكون العقود بأقدمية العمل، وأن يجبروا على تسديد قيمة التأمينات الاجتماعية والصحية عن السنوات التي عملوا بها تحت السخرة، وان تقدم العقود وإيصالات التسديد في ظرف شهر، أو تغلق المنشآت أو تشكل لجان من الحكومة لإدارتها وتعيين أولادنا والتأمين عليهم، يجب أن يعرف هؤلاء التجار الفسدة جيدا أن مصر بها حكومة ودولة وقانون، وأن أولادنا مش للسخرة.

[email protected]