رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

جدل واسع، على مدار أسابيع، لم تنتهِ آثاره بعد، بسبب ما يسمى بـ«أغانى المهرجانات»، التى تجاوزت حدود اللامنطق واللامعقول، وغيَّرت وجه الساحة الغنائية فى مصر.

لكن الملفت هو «الاستفاقة المتأخرة»، على زيادة انتشار تلك الظاهرة مؤخرًا، رغم أنها موجودة منذ خمسة عشر عامًا، واجتذبت جمهورًا غفيرًا من كافة طبقات المجتمع خلال السنوات الخمس الماضية.

القرار الأخير بمنع «مطربى المهرجانات» أعطى إشارة البدء لـ«مهرجانات أخرى» فى الإعلام بكافة أنواعه، لتمتد إلى البرلمان وساحات المحاكم، وبالتالى إشعال حالة مستمرة من الجدل الحاد، عبر «السوشيال ميديا»!

ملايين المستمعين على موقع «ساوند كلاود» الشهير، خلال أسبوع واحد، ومئات الملايين من المشاهدة على «يوتيوب»، الذى أصبح مؤشرًا لنجاح تلك المهرجانات، ومقياس تفوق واضح لبعض «الطفيليات»، ومصدر دخل، وبابًا للثراء الفاحش المفاجئ، حتى وإن اختلفت تقديراته.

نعتقد أنه من الصعب تخيل حجم الإسفاف المبتذَل الذى يحاصرنا آناء الليل وأطراف النهار، ليساهم بوضوح فى انحدار الذوق العام وخدش حياء منظومة القيم المحافظة لدى الأسرة المصرية.

فى السابق اعتدنا وجود عبارة تحذير «للكبار فقط + 18»، تسبق مقدمة الأعمال الفنية بداية «العرض المنتَظر»، والتى يُحذّر فيها صُنّاعُ العملِ، المشاهدين من أنه يتضمن مشاهد أو كلمات وجُملًا قد لا تناسب الأطفال، للاحتماء خلف تلك المقدمة المكتوبة لتبرئة ساحتهم من إيذاء المشاهدين أو المسِّ بمشاعر الصغار وفكرهم.

الآن، أصبحنا نحتاج إلى أكثر من «إشارة تحذيرية» تسبق «أغانى المهرجات»، التى تتحرش بالعقول، وتهتك كل القيم والأخلاق والذوق العام، نظرًا لاحتوائها على كم كبير من الألفاظ الخادشة للحياء، ناهيك عن الإيحاءات الجنسية، والألفاظ النابية.

لا يمكننا أن نتفهم «الدوافع» التجارية، أو نزعات الربح والشهرة عند بعض هؤلاء «المرتزقة»، كما لا يمكن تفهم دفاع البعض تحت مسمى «حرية الإبداع» أو «اختلاف الأذواق»، لأنه ببساطة هناك تعمد واضح لانتشار «مواد غير صالحة للاستخدام الإنساني».

ما يدعو للأسى، أن تلك «المهرجانات»، تصور مصر على أنها عبارة عن عشوائيات وبلطجة ومخدرات وسرقة ودعارة، من خلال ترويج ونشر الرذيلة، وزيادة جرعات الموضوعات الجنسية واللعب على الغرائز وتكثيف الإيحاءات الجنسية والألفاظ السوقية والإشارات المبتذلة.

قبل سنوات، حذَّرنا من تفشِّى ظاهرة لجوء بعض المعلمين فى مراكز الدروس الخصوصية «السناتر» إلى شرح «راقص» للمناهج الدراسية على طريقة الأغانى الشعبية والمهرجانات!

لكن الأمر أصبح خطيرًا، بعد انتشار وتمدد «المهرجانات»، كما هى الحال الآن مع «فيروس كورونا»، لتصبح وباءً مستوطنًا يحتاج إلى جهد مضاعف لمواجهته، ولا أقل من اعتبار هؤلاء «الفراقيع» الذين يؤدونها بمثابة سرطان ينهش فى الذوق العام.

نتصور أن تلك الظاهرة تحتاج بالفعل إلى دراسة علمية معمقة، لتحليل «المزاج المصري»، الذى هبط إلى الدرك الأسفل، إثر تدفق موجات الفن الهابط، الذى اجتاح ساحة الغناء فى مصر، ما يتطلب حكمة ووعيًا فى مواجهة هذه «الطفيليات» التى استوطنت معظم طبقات المجتمع.

أخيرًا.. إن انحسار ظاهرة «المهرجانات» لن يحدث بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى تعزيز الوعى المجتمعى، والعمل على تغيير هذا الذوق الرديء ورفضه طواعية، من خلال نشر الفنون الهادفة والقضاء على الأمية الفنية والثقافية.

[email protected]