رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

من المشاكل الخطيرة التى نواجهها فى العالم الإسلامى الخلط بين السماوى والبشرى لدى الرسول عليه الصلاة والسلام، والاعتقاد أن النبى محمد لم يكن ينطق عن الهوى، وأن كل ما يفعله أو يقره أو يقوله بمباركة الوحى أو تنفيذا لإرادة السماء، بمعنى أنه كان مسيرا لا مخيرا، وأن ما يخرج عنه يعود جميعه إلى الله عز وجل، وهذه القضية تسبب مشاكل كبيرة.

أصحاب هذا الرأى كانوا ومازالوا يكفرون كل من يراجع أو يفكر فى مراجعة ما نسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث إنهم لا يرون فرقا بين ثوابت الدين وبين عادات وأعراف المسلمين.

وخطورة هذا الرأى لا تعود على صعوبة تجديد الخطاب الدينى فحسب، بل كذلك على الحريات، حيث يقيد حرية التعبير وحرية التفكير، وإمكانية الاجتهاد، إذ إنه يغلق تماما فكرة الاجتهاد ويثبتها عند سنوات بعينها، لأن الخروج عن الوحي، الممتد من الرسول إلى الصحابة والتابعين، هو إنكار لله ورسوله وكتابه وسنته، وبل ويعد طعنا فى أصحابه والتابعين لهم الذين تعلموا وورثوا المعرفة النبوية السماوية منهم.

وتتمثل خطورة الخلط بين السماوى والبشرى كذلك على صورة النبى محمد ذاته، إذا إن عملية الخلط هذه تصور الرسول فى شخصية ديكتاتورية متسلطة لا تؤمن بالحوار ولا بالرأى الآخر، وأنها تفرض رأيها مهما كانت صحته، وهذا بالطبع يتجاوز كثيرا حقيقة عقلية النبى وشخصيته السمحة.

ما وصلنا من كتب السير والأخبار يؤكد بل يقطع أن النبى محمد عليه الصلاة والسلام، كان يميز وبشكل جيد جدا بين السماوى والبشرى، وكان يؤمن كذلك بالرأى والرأى الآخر، وأنه لم يكفر أو يقتل من عارضوه فى الرأى وليس فى العقيدة، حيث نسب له عليه الصلاة والسلام فى صحيح مسلم قوله: «إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأى فإنما أنا بشر».

والنبى هنا يؤصل لقاعدة على قدر كبير من الأهمية، وهى الفصل بين السماوى والبشرى، بين ما يعلنه محمد ناقلا عن السماء وبين ما يجتهد به محمد من رأى، السماوى نعمل به كما نزل، والبشرى يمكن أن نأخذ ونرد فيه.

بالطبع لا أحد ينكر أهمية هذه القاعدة، لكن السؤال: كيف نميز بين الرأى والوحى فى ظل اتساع رقعة الوحى وامتدادها إلى كل ما نسب للرسول الكريم؟، هل يمكن إعادة قراءة بعضه؟، هل يمكن الاجتهاد فى غير القطعى؟

[email protected]