رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافرة

أراد أن يصنع شيئا مختلفا ليثبت من حوله قدرته على الخلق وليثبت ان الكهرباء هى جوهر الحياة والعاملُ الذى يشكِّل الفرق بين الجسد الحى والميت، فقام بسرقة الجثثَ وانتزع منها ما احتاج اليه من أعضاء ليعيد تركيبها سعيا لصناعة «الرجل الخارق» أو «الرجل الأسطورة»، ولكنه حين احتاج إلى «دماغ»، قام بسرقته من إحدى كليات الطب، فسرق دون أن يدرى دماغ مجرم معتوه، وكانت نتيجة صنعته مخلوقا ضخما بشع الشكل يرعب كل من يراه، به كل صفات البشر ولكن به كراهية وشرا، كراهية أدت الى نهاية مأساوية فقد قتل المخلوق الوحش أسرة العالم الذى صنعه وقتل غيرهم، وانتهى بقتل العالم نفسه، انها قصة «فرانكشتاين» التى أصبحت كالأسطورة مصدر الهام لكثير من صناع الأفلام الغربية بل والعربية، القصة كتبتها الأديبة الانجليزية مارى شيلى، و«فرانكشتاين» هو اسم العالم فى الرواية، ولكنه أطلق مجازا على اسم المخلوق الذى صنعه العالم، فقدم للحياة وحشا شريرا بدلا من اثبات نظرية علمية هامة.

«فرانكشتاين» أصبح له صناع كثيرون فى مصر، صار لدينا فى كل مجال من مجالات حياتنا «فرانكشتاين»، مخلوق بشع، ينشر الشر والفساد والجريمة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وحوله من صنعوه ليستفيدوا من ورائه، متجاهلين لحظة النهاية، حين ينقلب عليهم الفرانكشتاين، أو حين يواجهون جميعا الخالق الواحد الأحد، ليحاسبهم ويعاقبهم بالعذاب جزاء بما صنعت أيديهم، وسأختص بالحديث هنا «فرانكشتاين الفن» تلك المخلوقات البشعة التى تقدم لنا أعمالا سينمائية أو أعمالا غنائية، والتى وجدت من صنعها، من نفخ فيها لتعلو.. فيهبط الذوق العام، من بناها لتتهدم الأخلاق والفضيلة، وجدت من استفاد وأثرى وزادت حساباته فى البنوك على حساب الفن الراقى والذوق الرفيع، لتتشوه الأجيال ثقافيا وفنيا، وتتحول فى سلوكها الى مسخ دميم لا يقل بشاعة عن «فرانكشتاين».

حاليا.. تضج كل الأروقة والشوارع والمقاهى والسوشيال ميديا بالحديث عن «فرانكشتاين» من هذا النوع، الـ«نبر وان»، فقد وجد هذا الـ« نبر» الذى لا وان ولا حتى زيرو، وجد من يصنعه، ويبنيه، وينفخ فيه حتى صدق هو نفسه أنه «أسطورة» هؤلاء قاموا بعمل «تجميعة» أو توليفة «لصناعة الأسطورة»، فكان الناتج فى منتهى البشاعة من اللا فن واللا وعى بما يفعله بنفسه وبالمجتمع من سيئات جاريات، فجاء كأداة لنشر المزيد من مفاهيم الجريمة والبلطجة، وتجارة المخدرات وتعاطيها، وللأسف صار نموذجا يحتذى به «الشوارعجية» بل بعض أولاد الناس، يقلدون أسلوب كلامة الهمجى، طريقة استقوائه وبلطجته التى غلفها بالبطولة، ولم يكتف بتلويث السينما، بل تغلغل الى الغناء وعرف طريقه بمغازلة الكبار، ولم لا أليس أسطورة يمكنه أن يفعل كل شىء، يمثل ويرقص ويغنى ويحيى حفلات.

حقيقة لا ألوم الأسطورة «فرانكشتاين» فهو ليس المذنب الأول، المذنب الأول من صنعوا هذا الوحش الفنى الدميم، هؤلاء هو الذين يجب أن تحاسبهم كل جهات الدولة الرقابية، من كتب الأفلام له دون مضمون، من وضع السيناريو المهلهل، من أخرجها، من انتجها، من وزعها، من شاركة فى التمثيل، كلهم شركاء فى تلك الجرائم الفنية المجتمعية الاخلاقية لو جازت المحاكمة، أو المحاسبة أو حتى المقاطعة، ولا أستثنى من اللوم الجمهور نفسه الذى، الذى دفع من قوته ليشاهد هذه البشاعة من دماء وجريمة وعنف ومخدرات ودعارة وخيانة وغيرها من موبقات الأخلاق.

صناع الأسطورة يجب أن يحاسبوا قبله أو معه، وأعتب على من يمحور القضية فى مهاجمة جذور الأسطورة وفقره وأسرته المعدمة أو أنه من قنا أو الجيزة.. ليست هذه قضيتنا أبدا، ليس عيبا أن يسعى أى انسان ليحسن ظروفه، لكن العيب أن يكون الفقر مبررا لإفقار المجتمع اخلاقيا بتقديم فن هابط ردىء، الفنان الراحل احمد زكى كانت ظروف حياته قبل الشهرة لا تقل سوءا، وانظروا الى تاريخه الفنى الرائع، الفنان العظيم عبدالحليم حافظ نشأ يتيما وتلطم فى الملاجئ، ولا تزال أغانيه الرائعة خالدة نهرب اليها من نيران ورمضاء «المتربين» اليوم، لا الفقر ولا افتقار الوسامة مبرر أبدا لأن يصبح الفنان «فرانكشتاين» يدمر المجتمع بما يقدمه من سموم ويسميه فنا... وللحديث بقية

 

[email protected]