رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

الوضع في السودان الشقيق تغيَّر تمامًا خلال الأيام الماضية، في ظل نظام الحكم الجديد الذي تشكَّل في السودان عقب الإطاحة بالبشير، واستمرار الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها السودانيون.

ماذا يحدث في السودان؟.. لسنوات طويلة رفض الرئيس المخلوع عمر البشير، التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، التي شكَّلها مجلس الأمن، لبحث جرائم الحرب في إقليم دارفور. لكن، منذ الإعلان عن لقاء «سري» جمع «بنيامين نتنياهو» ورئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، فى عنتيبي الأوغندية، تسارعت وتيرة إجراءات عملية تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية!

ربما جاءت الموافقة على تسليم البشير ضمن صفقة تطبيع مع «إسرائيل»، جرى الاتفاق عليها في هذا اللقاء «السري»، الذي كان طلبًا أمريكيًا مُلِحًا، من أجل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب! اللافت أن البرهان كان يرفض في السابق الحديث عن تسليم البشير، لكن يبدو أن لكل شيء ثمنه، فلا شيء مجانيًا قد يأتي من الولايات المتحدة أو «إسرائيل»، بل إن كل ما يجري في الساحة السودانية يتم تحت ضغوط كبيرة، «صهيو أمريكية».

ورغم تأكيد «البرهان» أن مثول المطلوبين من النظام السابق أمام «الجنائية الدولية» لا يعني تسليمهم ليُحاكموا في لاهاي، وأن مسألة شكل المحاكمة ومكانها أمر قابل للمراجعة والتباحث «داخليًا»، إلا أن هذه التصريحات للاستهلاك المحلي فقط! المثير للقلق بالفعل، تلك التصريحات التي خرجت على لسان «البرهان»، بأن لقاءه نتنياهو في أوغندا «الثالث من فبراير الجاري» يأتى في إطار بحث السودان عن مصالحه الوطنية والأمنية، وأن الاتصالات لم ولن تنقطع، فى ظل وجود ترحيب وتوافق كبيرين داخل السودان! ربما كانت موافقة الحكومة على تسليم البشير خطوة شجاعة، كان من المفترض أن تتم بمجرد سقوط النظام، وعدم الالتفات إلى بروباجندا الفلول، لتحقيق العدالة التي هي أحد شعارات الثورة.

لكن هذا القرار بحيثياته ورمزيته ربما تكون له تداعيات سياسية تتجاوز السودان، لأنه سيشكل سابقة فى تاريخ الزعماء والقادة العرب، بعد أن تم خلع وسقوط ومقتل العديدين منهم، منذ «الربيع العربي» فى 2011. تسليم البشير إن حدث سيغير معادلات كبيرة فى المنطقة، خصوصًا أنها ستكون «سابقة» للمحاسبة وخضوع الأنظمة العربية لسطوة أحكام القانون الدولي، لكن في الحالة السودانية سيكون «المخلوع» كبش فداء لاستمرار السلطة الحاكمة، أو «قربانًا» للتقرب من النظام الدولي.

أما مسألة التطبيع مع «إسرائيل»، فهى برأينا خطيئة كبرى، لن تحل أزمات السودان القائمة منذ عقود، بل ستزيدها تعقيدًا، وقد تُعيد البلاد إلى حالة عدم الاستقرار، وربما خطر التقسيم، الذي يلوح في الأفق. نعتقد أن اللقاء «التطبيعي» سيرسم سيناريوهات كارثية لإعادة تشكيل المشهد السودانى داخليًا، من خلال ارتفاع معدلات الاستقطاب والاحتقان، وبالتالى انعكاس ذلك على إعادة خارطة التحالفات الوطنية من جديد.

ربما لا يخفى على أي متابع، أهداف «إسرائيل» من التطبيع، سواء من حيث الموقع الجيوسياسي والعمق الإفريقي للسودان، أو رغبة فى تجفيف بؤرة احتمالات مواجهة شعبية رافضة لصفقة القرن، إضافة إلى فتح الأجواء أمام حركة الطائرات المدنية من وإلى أمريكا الجنوبية، وإعادة آلاف اللاجئين المتواجدين في «الكيان الصهيوني». أخيرًا.. الوضع الاقتصادي «الخانق» يخلق حالة تشويش على مركز صناعة القرار السياسي في السودان، ويضعه بين فكي كماشة التنازلات المؤلمة أو الابتزاز «الصهيو أمريكي».

 

[email protected]