عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق يا مسافرة

«الغائب الحاضر»، ولا أعنى بها طبعا الإمام الشيعى «موسى الصدر» فهى مقولة تاريخية تخصه، ولكنى أعنى بها «أغلب» الموظفين والعاملين فى الدولة، هم غائبون عن أداء واجبهم فى العمل.. غائبو الضمير، غائبن الرغبة فى البناء والعطاء، ولكنهم حاضرون بأجسادهم فقط داخل البنايات وفوق مكاتبهم، وحاضرون جدا ساعة «قبض الراتب» كاملاً غير منقوص بحوافزه وعلاواته و«بابا غنوجه» حتى لو المؤسسة خربانة بسببهم وخرابة. اتحدى ان بين هؤلاء «الا من رحم ربى» من يعمل ثمانى ساعات كاملة أو حتى ست ساعات عملا حقيقيا دؤوبا.. متواصلا بضمير كما يعمل المواطنون فى كل دول العالم، أتحدى ان يخلص اى منهم إخلاصًا كاملاً لعمله ويحافظ على ممتلكات الدولة التى يعمل تحت مظلتها.

خيانة أعتبر ما يحدث فى مصالحنا الحكومية نوعا من الخيانة، بدءًا من الوزير الذى لا يؤدى عمله وفقًا للقسم الذى أقسمه.. مرورًا بالمدير.. الموظف.. العامل، خيانة.. ما يحدث فى المستشفيات الحكومية من اهمال للمرضى وتردى أوضاع المستشفى وعدم قيام جنود الرحمة بواجبهم خيانة.. سواء الأطباء.. الممرضون.. التومرجية، ما يحدث فى مجالات العمل حتى الخاص منها خيانة.. هناك محامون خونة لمهنتهم وقسم المهنة الشريف يدافعون بالباطل عن لصوص ومجرمين وتجار مخدرات، ولصوص دولة ليعمروا حساباتهم بالبنوك ناسين وجود الله، فيتلاعبون بالقانون وثغراته لتبرئة المجرمين طالما يملك مالا يشترى به ضمائر بعض حماة القانون.

أغلب المعلمين بمدارسنا الحكومية خونة.. يوفرون جهد الشرح للسناتر والدروس الخصوصة يغيب التلاميذ والطلاب عن المدرسة فلا يبالى مدير ولا معلم، فالبديل موجود.. آلافات يحصلونها شهريا من قوت الآباء والأمهات شهريًا ثمنا للدروس.. المهندس الذى لا يؤدى عمله بما يرضى الله خائن.. وقس على هذا كل فئات المجتمع، كل فى مكانه وايا كان نوع الفئة او العمل، فمن لا يؤدى عمله فى مكانه ويقوم بدوره المطلوب منه كاملا والذى يتقاضى عنه الأجر.. خائن، الخيانة ليست فقط ان يكون الشخص عميلا مع دولة أخرى ضد بلده، فهذا من السهل ان يكشفه ويضبطه جهاز مخابراتنا، ولكن كيف سيتم كشف وضبط كل هذه الملايين الخائنة لوطنها فى عملها وواجبها، ان يتحول هؤلاء إلى معاول هدم لا بناء، يتحولون إلى ايدى إهمال وتدمير للمؤسسات التى يعملون بها والتى من المفترض انهم ينتمون إليها، ويتقاضون ثمن معيشتهم وقوتهم وقوت أولادهم منها، فإذا بهم يخربونها دون أى وازع أو ضمير، وتجد الجميع فى المجالس والمحافل يندب ما يراه فى مصر من تخلف وفساد.. رغم انهم شركاء اصليون فى هذا.

وأتذكر هنا مقولة الشاعر العراقى بدر شاكر السياب: إنى لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون أيخون إنسان بلاده؟ إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون؟ الشمس أجمل فى بلادى من سواها، والظلام حتى الظلام هنالك أجمل، فهو يحتضن وطنى»، نعم يا سادة عشت سنوات غربة طويلة، فى بلد اوروبى رائع متقدم كل ما به يدار بالتكنولوجيا، شوارع نظيفة مغسولة بمياه الأمطار التى لا تتوقف الا قليلا، بيوت رائعة طلاؤها لا يبهت لتجديده دوما، خدمات المواطنين تتم الكترونيا غالبا وبسرعة ودقة غريبة، فلا طوابير ولا زحام ولا مشاجرات بين المواطنين والموظفين. نظام يجعلك تكفر بأى شىء آخر، وتتعبد فى محراب هؤلاء الذين بنوا وواصلوا البناء وارضعوا اطفالهم مع لبن الرضاعة كيف يكون الانتماء للوطن والولاء والعطاء.. الحدائق شاسعة وكأنها جنة الله فى الأرض، المخابز.. السوبر ماركت الأسواق الشعبية، كل ما بها من سلع غذائية معروض فى نظافة، وكأنك فى معرض للوحات المرسومة، كل ما بهذا البلد الأوروبى نظيف ومهندم وأنيق، لا تأخير فى قطارات أو أى من وسائل المواصلات، حتى الانترنت سرعته مهولة دون تسرق الشركة العميل، ماذا أقول.. بعد كل ما قيل.. سوى لك الله يا وطنى.. يا غرامى الأكبر. للأسف حب الوطن لدينا كلمات واشعار.. مجرد كلام.. وكلنا- الا من رحم ربى- خونة لهذا الوطن.

[email protected]