رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

إذا أردتَ أن تعرف شعبًا ما، فعليك أن تعرف أولًا بماذا يهتم، أو فيمَ يفكر، أو ماذا يقرأ، وكيف يخطط؟

بكل أسف، باتت حمى الهوس بكل ما هو «مستورد»، مؤشرًا خطيرًا، عبر الانشغال بتقليد الغرب في «التفاهة» فقط، وبالتالي أصبحنا «شعبًا مقلدًا» في كل شيء.. نحاول الانسلاخ من قيمنا، التي حملت على الدوام طابعًا خاصًا وبصمة مميزة.

إذن، لا غرابة أن يصل بنا الحال إلى المشاهدة و«الفُرجة» ثم التقليد الأعمى، وبالتالي الغرق في وحل التخلف والجهل، وصولًا إلى مرحلة «الانحطاط»!

على مدار العام، لا يكاد يمر شهر «هجري» أو «ميلادي»، إلا ويحمل إجازة أو احتفالية ـ بمناسبة أو من غير مناسبة ـ سواء أكانت دينية، وطنية، اجتماعية.. أو حتى عاطفية!

«الروزنامة» أصبحت ممتلئة بالأعياد والإجازات والاحتفالات «الرسمية» و«العُرفية»، طوال أيام السنة.. وما بين مناسبة وأخرى، تكتسي الأجواء بألوان المناسبة المُحتفَى بها، كألوان «البيض» في «شم النسيم»، أو الورود الحمراء و«الدباديب» في عيد الحب!

ويبقى لكل احتفال أو مناسبة، طقوسها الخاصة وأجواؤها التي تميزها عن غيرها، تمامًا كما هو حاصل هذه الأيام، من «الزحف الأحمر»، الذي يفصلنا عنه ساعات فقط.

هذا «الحدث الجلل» السنوي، ينتظره كثيرون بشغف، وسط هالة كبيرة، من الفتاوى الدينية، والأجواء الكرنفالية، والحفلات الصاخبة، مع سَيْل الرسائل وبطاقات التهنئة بهذا «اليوم الأحمر»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي!

عندما كنَّا صغارًا أو مراهقين، لم نعهد الاحتفال في الرابع عشر من فبراير بما يسمى «عيد الحب» أو «Valentine’s Day»، وغيره من المناسبات المستحدثة على الذاكرة، والتي أصبحت تُشغل الكثيرين، وتُرهق جيوبهم على مدار السنة.

الآن، أينما تولِّي وجهك، يحاصرك «الزحف الأحمر» في كل مكان، احتفاءً بـ«الفلانتين» الذي صار يومًا مميزًا لـ«العشاق»، وموسمًا رائجًا لبيع العطور والزهور والهدايا والتغليف.. وحتى الذهب.

«لا صوت يعلو على الفالنتين».. أصبح حديث الساعة، خصوصًا في أوساط الشباب، وشعارًا لمختلف وسائل الإعلام والصحافة و«السوشيال ميديا».. وحتى هؤلاء «المنجمين» أو مَن يسمون خبراء علم الأبراج!!

والحاصل إذن، أنه شئنا أم أبينا، صار الرابع عشر من فبراير يوم عيد، بالمعنى الحرفي للكلمة، ولم يتبق سوى إعلانه إجازة رسمية مدفوعة الأجر!

كل ما نعيشه هذه الأيام عبارة عن «حصار أحمر».. في المطاعم والشوارع والمحال التجارية والإعلانات والفضائيات.. وحتى نغمات المحمول وإهداءات «الكول تون»!!

هذا «اليوم المشهود» بات عُرفًا قائمًا، وحقيقة لا يمكن إنكارها، قد يضاف إلى أعيادنا الوطنية والدينية والاجتماعية، ما يدعو إلى استحداث هيئة معنية بالمناسبات والاحتفالات التي تزايدت بشكل مطرد خلال السنوات الأخيرة، ليكون «العيد عيدين»، و«الثورة ثورتين»!!

لكن من المفارقات أن أعيادنا لم تعد مقتصرة أو منحصرة في المناسبات الدينية «الإسلامية والمسيحية» ـكما كنا نعتقدـ بل تجاوزت «الأم» و«العمال» و«الثورة» و«انتصارات أكتوبر».. إلخ، لتضم القائمة ذكرى الميلاد والزواج، بل إنها وصلت إلى الاحتفال بأعياد الطلاق!

أخيرًا.. ما أجمل أن يعيش الإنسان في سعادة وفرح وسرور، ولا أقل من أن تكون أي مناسبة فرصة للتعبير عن المشاعر الإنسانية، والتخلص من متاعب الحياة وهمومها، لكن أن تصبح المناسبات «المستورَدة» عند الكثيرين بمثابة «بدعة حسنة»، على قاعدة «يارب كَّتر أفراحنا، وعلى أدّ نيتنا إدينا»، فالتهنئة إذن مطلوبة «happy valentine's day»!!

[email protected]