رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بدون رتوش

إنها المقولة التى ترجمها الجنرال« عبدالفتاح البرهان» رئيس مجلس السيادة الانتقالى السودانى عبر لقائه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نيتانياهو الاثنين الماضى فى عنتيبى بأوغندا. جاء اللقاء صادما لا سيما وأنه تم خلف ظهر مجلس الوزراء السودانى الذى بادر فعقد اجتماعا طارئا لمناقشة هذا الحدث. وخرج الناطق باسم الحكومة السودانية ليقول إنه ليس لديه معلومات عن تفاصيل اللقاء مؤكدا أن الحكومة علمت به من وسائل الاعلام. أما مكتب نيتانياهو فلقد أعلن عن اللقاء، وأنه جرى الاتفاق فيه على بدء حوار من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، وبأن نيتانياهو يعتقد أن السودان يسير فى اتجاه جديد وايجابى، وأن الزعيم السودانى مهتم بمساعدة بلده على المضى قدما فى عملية التحديث عن طريق انهاء عزلته ووضعه على خريطة العالم.

ولا شك أن الجنرال البرهان قد أخطأ عندما تفرد بالقرار والتقى بنيتانياهو، ففعلته هذه قد تؤدى إلى إشاعة التوتر من جديد فى الشارع السودانى، فاللقاء وأى تطبيع مع إسرائيل من شأنه أن يثير الجدل بين الكثير من السودانيين، بل وفى أماكن أخرى من العالم العربى خاصة أن توقيت اللقاء جاء وكأنه يروج لصفقة القرن وهى خطة السلام الأمريكية الجديدة والتى يرفضها الفلسطينيون رفضا قاطعا، ولهذا سارع صائب عريقات ليقول:( إن اللقاء طعنة فى ظهر الشعب الفلسطينى، وانسحاب صارخ من مبادرة السلام العربية)، فاللقاء يشكل إنجازا لنيتانياهو لا سيما وهو يواجه عدة قضايا فساد أمام القضاء الاسرائيلى. ومن ثم فإن اللقاء سوف يعزز من وضعه السياسى قبيل الانتخابات المزمع عقدها فى مطلع مارس المقبل، وهى الانتخابات التى تجرى للمرة الثالثة خلال عام.

ومن جديد يثار التساؤل.. كيف يلتقى الجنرال البرهان بنيتانياهو بدون ابلاغ الحكومة السودانية وهو ما يعد تجاوزا خطيرا للسلطة الانتقالية والوثيقة الدستورية؟. ولهذا أدان تجمع المهنيين السودانيين اللقاء وأكد الشجب الكامل والرفض القاطع له ولأى مخرجات قد تتمخض عنه، فقرار اللقاء يمثل خرقا للوثيقة الدستورية التى تحكم الفترة الانتقالية لا سيما وأن موقف الشعب السودانى ودولته الثابت تاريخيا هو عدم التعامل أو التطبيع مع الكيان الاسرائيلى دعما للشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة فى بناء دولته ذات السيادة الكاملة. وهو موقف لا يملك الجنرال البرهان الحق فى تغييره تحت أى ذريعة وبهذا الاختزال المخل، كما لا يحق لأجهزة السلطة الانتقالية ذات الصلاحيات المحدودة البت فيه.

كان من الخطأ أن ينفرد الجنرال بالقرار ويجلس مع العنصرى نيتانياهو دون التشاور مع شركائه فى الحكم لا سيما وقد قال إن اللقاء استهدف تحقيق المصالح العليا للشعب السودانى، وأنه وافق على اللقاء من منطلق كونه سيسهم فى رفع اسم السودان عن القائمة الأمريكية للدول الراعية للارهاب، كما سيسهم فى خروج السودان من دائرة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ عدة سنوات. أى أن البرهان يعول على إسرائيل فى أن يتم ذلك عبرها. والدليل الاتصال الهاتفى الذى أجراه وزير الخارجية الأمريكى بالبرهان ودعوته لزيارة واشنطن. ولهذا لا غرابة فى أن دولا عربية وإقليمية ترى فى إسرائيل البوابة التى يمكن لها أن تدلف منها لتعزيز مكانتها لدى الولايات المتحدة.