عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

قبل عام بالضبط من الآن.. كتبت هنا عن تجديد الخطاب الدينى تحت عنوان «دفاعاً عن مصر وليس الأزهر».. أكدت فيه أن الأمر لا يمكن تحميله للمؤسسة الدينية وحدها.. وأن الأمر يتطلب نهضة شاملة.. نواتها بناء الإنسان.. وأن هذه النهضة مسئولية مؤسسات المجتمع ككل وفى مقدمتها التعليم والصحة والإعلام، وتقديم القدوة عمليا.. أكدت أنه بدون احترام الإنسان والقانون.. واستبعاد الفاسدين ومعدومى القيمة.. لن يكون هناك أمل فى تحقيق نهضة أو أى شىء.

وأكثر ما أخشاه أن تتحول المطالبة بتجديد الخطاب الدينى.. إلى موجة جديدة من الفوضى واللغط المفضى لسراب.. فأسوأ أنواع الفشل أن تفعل الصحيح بشكل خاطئ.

وأول ما يؤدى إلى تلك الفوضى، عدم وضوح الهدف.. ودراسة تحقيقه بأسلوب علمى.. فنغرق فى فوضى المصطلحات.. وحوار الطرشان.. ولن نجنى غير إضاعة الوقت والجهد.

وأول ملمح لتلك الفوضى.. الحديث عن التراث على اتساعه.. كشىء واحد.. دون تحديد ما يستوجب الترك أو الأخذ به.. والخلط بين الأصول والفروع.. والقطعى والظنى.. والعقائدى والعملى.. فمن يرفض التراث بمجمله.. جاهل لا يعرف عنه شيئاً.. ومن يتمسك به بشكل مطلق.. متحجر العقل لا يصلح للحديث عن التجديد.

أتصور مقارعة الاجتهادات القديمة باجتهادات علمية جديدة.. أتصور فقهاً جديداً.. لكن لا أتخيل العبث بأصول الفقه.. كما لا أتصور أن تكون أصول الدين مجالاً للسفسطة.. وهنا يجب أن نميز بين تجديد الدين الذى أشار إليه نبينا الأكرم، وهدم الدين الذى يريده البعض.

الملمح الثانى هو آفة التعميم وشخصنة الأمور.. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخص فى الأغلب الأعم أحد بقول أو انتقاد.. وكان يقول «ما بال أحدكم» و«ما بال أقوام».

وهو المنهج الذى اقتديت به فى كتابى «هذا نبينا» الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، فى نقدى لكثير من المفاهيم وفتاوى التشدد.

والأولى بمن يتصدرون الحديث عن التجديد أن يتبعوا هدى نبيهم.. ويكون الهدف دحض الأفكار لا الرجال والمؤسسات.. لأن ذلك من شأنه تحويل الحوار إلى تناحر.

ولأن النهضة ليست خطاباً دينياً فقط.. فها هو البيان الختامى لمؤتمر الأزهر، خطاباً دينياً مستنيراً جامعاً مانعاً يلقم مهاجميه حجراً.. لكن السؤال، ماذا بعد؟.. هل سيتغير شىء؟.. بالطبع لا، لأن القضية بالفعل قضية بناء إنسان.. وإعلاء للقيم السامية فى المجتمع.. وليس خطابات لا تُسمع وكتب لا تُقرأ.. فكلما ارتقينا بالإنسان على سلم الإنسانية.. اقتربنا من جوهر ديننا الحنيف.. وصار المجتمع محصناً ضد التشدد والتخلف.. فالمجتمع المتحضر.. وحده قادر على إخراج فقيه مجدد.. ومهندس بارع، وطبيب حاذق، ومسئول كفء أمين.. أتمنى أن ينتهى الجدل.. ونبدأ العمل الجاد.. إن كنا جادين!

[email protected]