رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

 

 

 

شيء مذهل.. أن تتبارى دول العالم فى الاهتمام بتخصيص نسب متزايدة من حجم الإنفاق العام فى موازناتها المالية لصالح الإنفاق على التعليم.. باعتباره اسـتثمارًا فـى رأس المال البشرى له عائد إيجابى كبير، وبالغ الأهمية على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية بشكل عام.. بينما يكون هدفنا نحن فى مصر.. الدولة النامية التى تزيد فيها نسبة الأمية على 26% من السكان بحسب الإحصائيات الرسمية للجهاز المركزى للمحاسبات.. هو «عدم تحميل ميزانية الدولة أى أعباء مالية إضافية»، من أجل سد العجز فى الإنفاق على الاحتياجات الأساسية للتعليم.. مثل سد العجز فى أعضاء هيئات التدريس بالمدارس التى أصبح حال معظمها يرثى له بسبب هذا العجز الناتج عن توقف وزارة التربية والتعليم عن تعيين المدرسين.

•• لا نقول ذلك من فراغ

لكن هذا هو ما أكده القرار الذى صدر أمس الأول، وتم تعميمه على جميع المديريات التعليمية.. بموافقة «الأستاذ الدكتور الوزير على التصريح للسادة حملة المؤهلات العليا التربوية من الراغبين فى العمل بمهنة التدريس تطوعا».. بحسب ما جاء فى نص القرار.

بمعنى أن المدرس سيعمل مجانَا «يعنى أبو بلاش».. وحسب نص الخطاب الموجه الى المديريات التعليمية، فإن هذا القرار يأتى «من منطلق الحرص على سد العجز بجميع التخصصات بأعضاء هيئة التدريس، وذلك من خلال حزمة من الحلول والمقترحات التى لا تحمل ميزانية الدولة أى أعباء مالية إضافية»..

دعك من السؤال المنطقى جدا: لماذا سيقبل المدرس العمل مجانا.. ويمنح جهده ووقته للوزارة «ببلاش».. بل ويتحمل من جيبه الخاص مصاريف انتقاله من وإلى المدرسة؟.. ومن أين سيوفر نفقات معيشته الخاصة؟!

وهل مثل هذا القرار لا يعد اعترافا صريحا من الوزارة بوجود عجز فى أعضاء هيئات التدريس وأنها لا ترغب فى سد هذا العجز بتعيين مدرسين جدد لأنه مكلف ماليا.. كما يعد تصريحا ضمنيا من الوزارة بفتح أبواب المدارس أمام تجار التعليم وأباطرة الدروس الخصوصية ليقتحموا الفصول الدراسية، ويقوموا باصطياد التلاميذ وتوجيههم إلى «السناتر؟!

•• الأهم من ذلك

هو أن هذا القرار يطرح التساؤل حول مدى جدية الوزارة فيما تعلنه من خطط واستراتيجيات لتطوير التعليم.. وحول مدى كفاءة سياسات الإنفاق العام على التعليم فى مصر.. والتى يبدو أنها ما زالت لا تلبى احتياجات التطوير المطلوب.

وهنا.. نتوقف أمام دراسة مهمة حول تقييم سياسات الإنفاق العام على التعليم فى مصر فى ضوء معايير الكفاية والعدالة والكفاءة.. أعدها الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط السابق.. وانتهت الى أنه بالرغم من الزيادة المطلقة فى حجم الإنفاق العام على التعليم خلال السنوات الأخيرة، إلا أن نسبة هذا الإنفاق لجملة الإنفاق العام ولجملة الناتج المحلى، قد شهدت تراجعا بشكل واضح.. وهو ما انعكس فى انخفاض متوسط نصيب الطالب من الإنفاق العام.. وأدى فى النهاية إلى تدهور نوعية الخدمة التعليمية المقدمة فى مؤسسات التعليم الحكومية بصورة تهدد مسيرة التنمية فى مصر بشكل عام.

كما أوضحت الدراسة «وجود درجة عالية من عدم الكفاءة فى الإنفاق العام على التعليم فى مصر.. حيث إن النسبة العظمى من هذا الإنفاق توجه للإنفاق الجارى وليس الاستثماري، وتستحوذ الأجور وتعويضات العاملين على النصيب الأوفر من هذا الإنفاق».. كما أنه «يمكن الاستدلال على عدم كفاءة الإنفاق العام على التعليم بصورة غير مباشرة من خلال مؤشرات مثل ارتفاع معدلات الأمية والبطالة بين المتعلمين وانخفاض معدلات العائد على التعليم وتراجع نوعية التعليم بصفة عامة».

•• وبالتأكيد

فإن ما خلصت اليه الدراسة حول استحواذ الأجور على النصيب الأوفر من الإنفاق على التعليم لا يمكن اعتباره مبررا للعمل على تقليل الإنفاق على الأجور بعدم تعيين مدرسين جدد، مما يؤدى الى زيادة العجز فى أعدادهم.. لكنه يعنى بوضوح أن هناك حاجة حقيقية الى زيادة الإنفاق على التعليم كنسبة من الإنفاق العام الكلى ومن الناتج المحلي.. إذ لا يتعدى الآن نسبة 12% من الإنفاق الكلى مقارنة بنسب تزيد على 20% فى بعض الدول.. كما لا يتعدى نسبة 2.5% من الناتج القومى رغم ما ينص عليه الدستور من أن الإنفاق الحكومى على التعليم لا يجب أن يقل عن 4٪ من الناتج القومى الإجمالي.

•• والخلاصة: هى أن أزمة التعليم فى مصر لن يحلها قرار وزير التربية والتعليم بالاعتماد على «التدريس أبو بلاش».. ولكن لا بد من زيادة مخصصات الإنفاق التعليمى فى موازنة الدولة.. تفعيلا لنصوص الدستور.