رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

 

حقيقة الأمر أن صفقة القرن هى تأكيد للواقع الأليم الذى يعيشه الفلسطينيون من ناحية، والعرب كافة من ناحية أخرى.

فعن الفلسطينيين، فإن انقسامهم أصبح عارا عليهم وعلى الأمة العربية كلها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن أغلب دول العالم تقف إلى جانب إسرائيل وتساندها فى مطالبها ليس حبا فيها فقط، وانما كرها فيما يفعله المتطرفون المسلمون فى بلادهم. هذا فضلا عن الفرقة الواقعة بين بعض الدول العربية وبعضها من ناحية، والحروب الدائرة -من ناحية أخرى- فيما بين بعض الشعوب العربية وبعضها، والتى ادت إلى شبه تدمير لبلادها. كل هذا شجع أمريكا وإسرائيل على تقديم هذه الصفقة المعروفة بصفقة القرن.

ومن هذا المنطلق، فإنى أتصور أن صفقة القرن التى أعلن عنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، لا تعتبر صفقة بالمعنى المتعارف عليه، وانما هى مجرد عرض من جانبهم على الجانب الفلسطينى بل والعربى، ولهم أن يرفضوه أو يقبلوه أو يتفاوضوا على ما جاء به، وفى تقديرى أن من صالح الفلسطينيين أن يختاروا التفاوض فيما جاء بالعرض المقدم من خلال تلك الصفقة، كما فعل الراحل العظيم انور السادات فى كامب ديفيد، عملا بالمبدأ المعروف (ما لم يدرج كله لا يترك كله).

سياسة الرفض التى انتهجها الفلسطينيون - بل وبعض الدول العربية - منذ عهد الرئيس الراحل انور السادات رحمة الله عليه -فى تقديرى- لم تأت بخير، سواء للفلسطينيين، أو للعرب. بل أن هذه السياسة عادت عليهم بالفشل بعكس ما كانوا يتوقعون. فها هى أغلب الأراضى العربية التى احتلتها إسرائيل فى الحروب العربية - الإسرائيلية، قد وضعت إسرائيل اليد عليها، نتيجة تلك السياسة الخاطئة وأصبح من الصعب على العرب استردادها مرة أخرى، وهكذا لم يبق أمام الفلسطينيين والعرب الا القليل الذى يكنهم التفاوض عليه.

هذا هو الواقع الأليم الذى وصلنا إليه مع الأسف الشديد. فإسرائيل دائما ما تستغل الوقت لصالحها، فقد استطاعت - فى الحروب العربية السابقة - اغتصاب جزء من الأراضى العربية، ونحن تائهون تارة فى خلافاتنا العربية - العربية، وتارة أخرى فى الصراعات الداخلية بين بعض الشعوب العربية. وغنى عن البيان، فإن هذا العرض الذى تقدمت به أمريكا وإسرائيل المسمى بصفقة القرن، قد اختارا له هذا التوقيت بالذات لقرب الانتخابات سواء فى أمريكا أو إسرائيل، وهم يأملون أن تكون تلك الصفقة شفيعا لهما امام شعوبهم فى الانتخابات القادمة.

نحن الآن امام وضع غاية فى التعقيد، فالفلسطينيون منقسمون على أنفسهم، والعرب كذلك إما مختلفون فيما بينهم، وإما منغمسون فى صراعات داخلية ادت إلى شبه تدمير لبلادهم. وفى المقابل، فإن اغلب دول العالم الآن أصبحت تنحاز للجانب الإسرائيلى، ليس حبا فيها بقدر ما هو كرها فيما يفعله المتطرفون المسلمون فى بلادهم بل وفى اغلب العالم من حوادث إرهابية مقيته. فالوضع جد خطير، وعلى الفلسطينيين – فى تقديرى - القبول بمبدأ التفاوض من أجل الوصول إلى ترضية تتناسب مع هذا الوضع المؤسف، على أمل أنهم - مع ازدياد اواصر الثقة بينهم وبين إسرائيل - يمكنهم التفاوض على باقى حقوقهم المنشودة.

مبدأ الرفض المطلق من جانب السلطة الفلسطينية، سيزيد - فى تقديرى – من هذا الوضع المزرى الذى يعيشه الفلسطينيون حاليا، فالواقع الآن لا يخرج عن بنود صفقة القرن التى اعلن عنها الرئيس الأمريكى، فالفلسطينيون حاليا يضعون ايديهم على قطعة أرض لا سيادة أو حقوق لهم عليها، بل انها لا تعتبر دولة اصلا، كل ما لهم عليها مجرد إدارة. كل شيء فى يد إسرائيل، حتى القدس الشرقية لم يعد لها وجود، لاسيما بعد إقامة إسرائيل سورا يفصلها عن باقى الأراضى الفلسطينية.

أعود فأقول.. على الفلسطينيين أن ينحوا خلافاتهم جانبا، وأن يتعلموا الدرس من الراحل العظيم السادات فى تفاوضه مع إسرائيل، فربما يمكنهم الحصول على الترضية التى تتناسب مع هذا الوضع المؤسف الذى وصلوا إليه نتيجة سياسات الرفض السابقة، وألا ينسوا أن الوقت الآن أصبح فى صالح إسرائيل، لاسيما فى ظل التناحر الذى تعيشه بعض الشعوب العربية. وان يضعوا فى اعتبارهم أن العالم الآن يؤيد إسرائيل، ليس حبا فيها بل كرها فيما يفعله المتطرفون المسلمون فى بلادهم.

وتحيا مصر.