رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

التاريخ السياسى للكنيسة المصرية وتحديدا من من بداية القرن التاسع عشر يمثل جزءا من تراثنا الثقافى الحديث، ومازلنا بحاجة لدراسته وتدريسه، لأن المواقف الوطنية للكنيسة شكلت الكثير من وجدان وشغف الروح المصرية بمعنى الوطن والأرض والتاريخ والكرامة، وهذا جزء من الفولكلور القبطى الذى يجب أن ننفض عنه غبار النسيان والتجاهل.. فكيف لم ننقل بعد لمحات من هذا التراث الغنى بمعالجة عصرية جديدة لكثير من الأعمال الفنية بالسينما والمسرح والدراما التليفزيونية ومناهج التعليم.. شخصية البابا كيرلس الخامس بطريرك الكنيسة القبطية لها من الثراء الانسانى والثقافى ما جعل المفكر الكبير عباس محمود العقاد يكتب عنه قائلا «انه كان رجلا ناسكا متعبدا مؤمنا برسالته الدينية أشد الايمان، وكان مع  رعايته لفرائض الدين، لا ينسى فرائض الكرامة الدنيوية فى معاملته لأصحاب السلطان ولو كانوا من الملوك أو فى حكم الملوك . خطر لعميد الاحتلال البريطانى اللورد كيتشنر – أن يلقاه على غير موعد، فذهب الى الدار البطرقية وأمر الحجاب أن يبلغوا صاحب الغبطة أن فخامته موجود فى الدار، وهرول الحاجب  الملازم له وهو يلهث ويكاد يصيح: اللورد يا أبانا.. فسأله البابا فى أناة : من اللورد يا هذا؟ وعندما علم بحقيقة الأمر قال للحاجب: اذهب يا ولد وقل لفخامته ان البابا لا يقابل بغير ميعاد. وطلب منه الملك فؤاد مرة أن يبارك وزارته كما بارك سعدا، فلم يجبه ولم يزد على أن قال: ان البركة لا تمنح باليمين لتسلب باليسار».

البابا كيرلس الخامس فى تاريخ البابوية رقم 112 بين بباوات الكنيسة القبطية وظل فى منصبه اثنين وخمسين عاما، وهى ربما الفترة الأطول بين كل السابقين له واللاحقين عليه – وقد ولد عام 1824 وتوفى 1927 ، وتمثل فترة بابويته حتى الآن حقبة من التجديد للكنيسة والاهتمام بالتعليم. وقد نظر المصريون – مسلمين وأقباطا للبابا كيرلس الخامس نظرة احترام وتقدير لرجل طغت وطنيته على كل اعتبارات أخرى خاصة بعد أن زعم الانجليز بعد ثورة 1919 حمايتهم للأقلية القبطية – فما كان منه الا أن رد عليهم: ان المصريين شعب واحد وحمايته موكولة لله وحده.

ومن الكنيسة الى السينما المصرية التى بدأت فى عشرينيات القرن الماضى – والمدهش أن أول فيلم مصرى كان يتناول حياة شاب مسيحى.. الفيلم اسمه (برسوم يبحث عن وظيفة) وكان من تصوير الفنان محمد بيومى، وقد كتب فى المقدمة بخط الرقعة بالنص ما يلى: (برسوم يبحث عن وظيفة.. أول فكاهة مصرية سينماتوغرافية وضع وتصوير محمد محمد بيومى) – هذا الفيلم كان صامتا ولم يتم عرضه.. المخرج فؤاد الجزايرلى اقتبس النص المسرحى الذى كتبه نجيب الريحانى وبديع خيرى، وقدمه فى فيلم (حسن ومرقص وكوهين) وأول عرض له كان  يوم 31 مايو 1954.

الفنان حسين صدقى تحمل بشجاعة مسئولية إخراج فيلم (الشيخ حسن) الذى يتناول حياة شاب أزهرى يقع فى غرام فتاة مسيحية، والذى عرض فى 4 أكتوبر 1954.. وقد نلحظ تراجعا كبيرا فى عدد الأعمال الفنية التى تتناول الحياة الاجتماعية للأقباط، واعتقد أن تناول السينما المصرية من بدايتها فى العشرينيات وحتى منتصف الخمسينات لأعمال جريئة مستوحاة من قصص عن الأقباط وحياتهم كان سببه أن معظم المحيط الاقليمى العربى بمصر كان فى حالة أضعف كثيرا من أن  يؤثر فى الثقافة المصرية وكانت مصر بثقافتها هى الأقدر على التأثير، ولهذا كنا بمنأى عن العصبية الاجتماعية أو الدينية.

مازال أمامنا فى مصر فرصة أن تتبنى القيادة المصرية بنفسها نهجا اصلاحيا تنويريا تتفتح معه من جديد مسام الفكر والابداع والفنون الراقية. انه لمن العيب أن نخاف من التاريخ.. أن نتركه يموت وحيدا.. التاريخ لا يقتل الأحياء وانما يمنحهم فضيلة التفكير ان هم تطهروا من قبح التكفير .