عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

يأتى مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الفكر الاسلامى الذى انطلقت أعماله أمس وأمس الأول بمشاركة 46 دولة، فى ظروف بالغة الدقة والحساسية تمر بها معظم الدول العربية والاسلامية، بعد أن تخلت كثير من المؤسسات الاسلامية فى هذه الدول عن القيام بدورها، وترك الساحة لدعاة الغلو والتطرف والإرهاب ومدعى العلم والفقه والافتاء.. وهو الأمر الذى كان يقف له بالمرصاد الأزهر الشريف وعلماؤه الأجلاء على مدار عقود طويلة وحيدًا دون مساندة أو إنصاف من المؤسسات الدينية فى كثير من الدول أو بعض قادتها حتى وصل الأمر ذروته بتطرف مقابل فى الغرب بعد أن سقطت دول عربية واسلامية فى براثن التطرف وانتشار الاسلاموفوبيا فى الغرب.

مؤكد أن الأزهر الشريف كأقدم جامعة فى العالم والذى يقود التيار الوسطى قبل ألف عام، قد حمل عبىء المسئولية وحده خلال السنوات الماضية، ورأينا الجولات المكوكية لشيخه الجليل الإمام الأكبر أحمد الطيب فى كثير من دول العالم شرقًا وغربًا يواجه بفكره المستنير وعلمه الغزير ولغاته المتعددة كل الادعاءات والافتراءات من جانب والغلو والتطرف من جانب آخر، والأهم أنه استطاع اعادة صياغة العلاقة مع كثير من رموز وممثلى باقى الديانات السماوية لوأد فتنة ما يسمى بصراع الحضارات والعنصرية الدينية، ويحسب للإمام الأكبر أحمد الطيب قدرته الفائقة على استيعاب الآخر بسماحته ووسطيته، وهو الأمر الذى ترك أثرًا بالغًا فى معظم دول العالم التى صححت مفاهيمها عن الإسلام، وبنفس هذه القدرة كانت مساهمته فى ترسيخ الوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة على أرض الكنانة.

إذن هذا المؤتمر الذى احتضنه الأزهر جاء فى توقيت بالغ الأهمية حتى تقوم باقى المؤسسات الاسلامية والدينية فى كل الدول العربية والاسلامية بمسئوليتها داخل مجتمعاتها بحيث يصبح الفكر الوسطى المعتدل هو السائد فى الأمة الاسلامية بأسرها، وتبدأ عملية تجديد الخطاب الدينى بشكل حقيقى وممنهج تحت اشراف الأزهر وعلمائه فى ربوع الأمة، كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته التى ألقاها الدكتور مصطفى مدبولى بهدف سد الفراغات التى يتسلل منها أدعياء العلم والفقه إلى عقول الشباب والسيطرة عليهم، مؤكدًا أن التجديد الذى نتطلع إليه ليس فى ثوابت الدين ولا العقيدة ولا الأحكام التى اتفق عليها الأئمة، وإنما التجديد فى فقه المعاملات فى مجال الحياة العملية وابراز سماحة الشريعة الاسلامية لرفعة الاسلام وصلاح شأن المسلمين فى مواجهة دعاة التطرف والإرهاب التى تقضى على الاستقرار، وبث روح الأمل والجد والاجتهاد بصفتها ضرورة للتنمية الشاملة والمستدامة.

وهنا يجب التوقف أمام كلمة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر التى جاءت كاشفة عندما أكد أن التيار الاصلاحى الوسطى هو الجدير وحده بمهمة التجديد الذى تتطلع إليه الأمة بحيث يصبح تجديد «الفكر والعلوم الاسلامية» مشيرًا إلى أن الأسباب التى أدت إلى غلق باب الاجتهاد وتوقف حركة التجديد فى عصرنا الحديث تظهر عدم الجدية فى تحمل هذه المسئولية تجاه شبابنا وأمتنا وصمت الجميع عن ظاهرة تفشى التعصب الدينى سواء على مستوى التعليم أو الدعوة والارشاد، مؤكدًا أن دعوات التعصب لا تعبر عن الاسلام تعبيرًا أمينًا ورغم ذلك تحظى بدعم ملحوظ مادى وغير مادى!!. وأشار الامام الأكبر إلي أن الاسلام ظل مع التجديد دينًا قادرًا على تحقيق مصالح الناس بغض النظر عن أجناسهم وأديانهم ومعتقداتهم مؤكدًا على أن أحكام الدين الاسلامى تنقسم إلى ثوابت لا تتغير وهى الاحكام القطعية الثبوت والدلالة ومعظمها يدخل فى باب العقائد والعبادات والأخلاق مثل الصلاة والصوم والذكاة والحج.. ثم يأتى النوع الثانى من الأحكام القابلة التبدل والتغيير مثل الأحكام المختصة بمجالات الحياة الانسانية الأخرى مثل الأحكام المدنية والدستورية والاقتصادية والسياسية والبيع والشراء والعلاقات الدولية والآداب العامة وهنا تأتى مبادئ الشريعة كأطر عامة تتسع لتطبيقات عدة وصيغ مختلفة يمكن التجديد فيها تأكيدًا أن الاسلام يبقى دينًا حيًا يقدم الخير للبشرية جميعًا.

لكل هذا جاء مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الفكر الاسلامى وسط التجمع العالمى المشارك به ليرد على كل من يتهم الأزهر بمقاومة التجديد، كما أشار المفكر الدكتور مصطفى الفقى.. وكذلك ليكون بمثابة أجراس تدق ناقوس الخطر نحو أخطار حقيقية لابد من مواجهتها والتصدى لها وعلى رأسها المفاهيم المغلوطة المتعلقة بالجهاد والقتال وتؤدى إلى التطرف والإرهاب ورفض الآخر، وجميعها أصبحت تشكل تحديات تواجه العالم الاسلامى، وبات على الدول التى شاركت فى المؤتمر أن تقوم بدورها من خلال مؤسساتها الدينية والتعليمية والاعلامية فى هذا الشأن.

نائب رئيس الوفد