كلمة عدل
مؤتمر تجديد الفكر الإسلامى الذى تدور النقاشات حوله الآن بالأزهر الشريف مهم جدًا، ويناقش كل الأمور المتعلقة بعملية التجديد، ومن بينها لابد لصاحب الخطاب الدينى أن يعرف أساسيات رئيسية، ولا يمكن أن يحيد عنها، بل هى طوق يلازمه عندما يتحدث بشأن الخطاب الدينى. فلابد أن يعرف أن الإسلام يتعامل بأرقى تصور للوجود وللحياة وأقوم منهج للمجتمع الإنسانى بلا مراء، وهو الذى ينادى بأن لا إكراه فى الدين، وتاريخ الإسلام الطويل شاهد على أن الشريعة وأهلها قد كفلوا لأتباع الأديان الذين يعيشون فى ظل الإسلام البقاء على عقائدهم وديانتهم ولم يرغم أحدًا على اعتناق الإسلام.
ومعلوم لدى القاصى والدانى أن هذا لم يكن ضعفًا من دولة الإسلام، بل كان مبدأها حتى وهى فى أوج قوتها، ولو أرادت أن تفرض على الأفراد عقيدتها بالقوة لكان ذلك بمقدورها لكن لم تفعل. وهناك شهادات من علماء غير مسلمين ويوثق بهم قالوا إن الإسلام ترك حرية الاعتقاد لغير المسلمين.
وتقول المستشرقة الإيطالية لورا فشيئا فى كتابها، دفاعًا عن الإسلام، كان المسلمون لا يكادون يعقدون الاتفاقيات مع الشعوب حتى يتركوا لها حرية المعتقد ولا يكرهوا أحدًا على الدخول فى الدين الجديد.
كما أن الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم أو المساس بآمالهم وأموالهم وأعراضهم ودمائهم وتاريخ الإسلام أنصع شيء على وجه الأرض.
والفتح الإسلامى اعترف أيضًا بالآخر ولم يرغم أى واحد على الدخول فى الإسلام فى حين أن جيوشًا أخرى عندما كانت تنتصر على أحد كانت تبيد أممًا بأكملها ومن شواهد التاريخ أنه لما توسعت رقعة الدولة الإسلامية كانت تحفظ حقوق الآخر بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، ومثلًا لقد كان أهل الذمة فى عهد الدولة الأموية يتمتعون بدرجة عالية من التسامح وقبلها فى زمن الخلفاء الراشدين.
صاحب الخطاب الدينى لابد أن يتسلح بكل هذا الأفكار قبل أن يخوض غمار التجديد وألا يكون قد فقد القدرة على توصيل ما يرغب من فكر ورأى، بمعنى أنه لابد أن تكون لديه ثوابت أساسية ولا يحيد عنها وهى تشبه المعادلات التى توصل إلى نتائج مضمونة وعناصر الخوض فى غمار التجديد تقتضى من صاحبه أن يمتلك الأدوات التى تمكنه من ذلك.
.. وللحديث بقية.
رئيس حزب الوفد