رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

يخوض فى طريق الشوك بقلمه، يجاهر بالكلمة، ويواجه تخلفا متراكما عبر قرون، يقف صامدا أمام بشر انتهازيين حولوا الترهات إلى مقدسات، وسموا كلامهم بـكلام الله.

خاضوا حروبا وسفكوا دماء وأشعلوا فتنا مازلنا ندفع ثمنها حتى اليوم، فسلام على كل من واجه، وقاوم، وفكر، وحلل، وجادل، واستكشف، ودحض، ورد، وصحح.

وسلامٌ على الصديق المفكر الدكتور أحمد سالم الذى قدم لنا كتابا رائعا يفكك فيه اختطاف البشر لكلمة الله، واستغلالهم لها هو كتاب « تجلى الإله».

يقول الرجل فى كتابه «إن الله كان ومازال هو الطرف الحاضر الغائب فى معاركنا، فرجل السياسة ورجل الدين يوظفان الله فى تسيير حركة الجماعة وفى السيطرة على الآخرين، وبدلا من أن يكون الدين أداة لتحرير الناس من كل أصناف العبودية لمن هم دون الله، صار على يد رجال الدين والسياسة أداتهم لتقييد حق البشر فى الحرية».

وفى تصوره، فإن رجال الدين فرضوا وصايتهم على صورة الله فى الكتب السماوية وكأنها طلاسم لا تقبل تفسيرا غير تفسيرهم، ومن ثم صاروا المتحدثين باسم الله على الأرض وكأنهم صوته، فأسسوا أديانا على أديان ومذاهب على مذاهب، ثم أصبغوا على تعاليمهم وفتاواهم قداسة موازية لقداسة الكتب السماوية.

لذا لم يكن غريبا أن يكتب الفقيه ابن القيم الجوزية كتابا فى الفقه فيسميه « إعلام الموقعين عن رب العالمين» وكأنه يمتلك وكالة من الله يشهرها فى وجه البشر، وعلى دربه سار معظم فقهاء الإسلام الذين صادروا البحث العقلى، ووأدوا محاولات الفهم الجديدة، وأغلقوا أبواب الاجتهاد.

وكان مما عمد إليه رجال الدين أنهم اخترعوا فكرة غريبة تقول بأنه لا يجوز مخالفة الإجماع، رغم أنه لا يوجد إجماع حقيقى. ويرى أحمد سالم أن أكبر محنة رسخت لها فكرة الإجماع فى علم الأصول أنها انتقلت بالقداسة من نطاق وحى الله وممارسة الرسول إلى تقديس ما قامت به الجماعة الأولى (الصحابة والخلفاء الأربعة) من ممارسة تاريخية، أو تقديس ما اتفق عليه فقهاء صدر الإسلام بما جعل الفكر السائد فكرا صنميًا يغلق الباب أمام أى مجتهد آخر من القادمين من بعد.

وكفّر ابن تيمية الفلاسفة وقال إن من أثبت النبوة بلسانه وسوى أوضاع الشرع على الحكمة فهو على التحقيق كافر».

وهكذا، حشد فقهاء القرون الأولى ما يذم الرأى وما يحقر العقل وما يكره القياس حتى كرر الفقهاء الجدد ما قاله الفقهاء القدامى، ولم يهتم أحد بتغيير أحوال البشر من عصر لعصر، ومن بيئة جغرافية لأخرى.

وتحت تلك الأصول التى وضعها الأوائل، وهم بشر وليسوا أنبياء صار الناس تعود لتبحث عن قول الإمام الشافعى أو الإمام مالك أو غيرهما فى مسألة، وتجمد الفقه الإسلامى وتولدت غربة بين المسلم المعاصر، وما يتصوره إسلامًا.

كل ذلك يعنى فى تصورى أننا لسنا فى حاجة إلى تجديد خطاب دينى، وإنما فى حاجة إلى إصلاح دينى حقيقى، ينسف الماضى نسفًا، ويعيد صناعة الفقه العصرى استنادا للقرآن والسنة الصحيحة الموثوق بصحتها.

والله أعلم.

[email protected]