رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

بدأ العام الجديد فى الشرق الأوسط، بمشهد ضبابي، تجاوز كل الخطوط الحُمر، إيذانًا بانقلاب كامل على قواعد اللعبة والاشتباك، التى رسمتها الولايات المتحدة وإيران، بشكل غير مباشر، فى الصراع المستمر بينهما!

اغتيال اللواء قاسم سليماني، يشكل تصعيدًا خطيرًا وتفجيرًا لكافة الأوضاع، ويرسم سيناريوهات مرعبة تنتظر المنطقة، مع انتهاء فترة الحداد المعلنة من جانب إيران.. فهل سنرى حدادًا عمَّا قريب فى أمريكا، انتقامًا لمقتل «سليماني»؟!

تلك العملية المتهورة وغير المتوقعة، وحَّدت الرأى العام الإيراني، فى الدعوة إلى الانتقام والاصطفاف وراء قيادة البلاد، خصوصًا أن مقتل الجنرال سليمانى تجاوز كل الحدود، وغيَّر كل قواعد اللعبة، ولم يعد الاشتباك مثل السابق نوعًا من عضِّ الأصابع، ولَيِّ الذراع، بل أصبح الاحتكاك المباشر وشيكًا.

ربما باتت أوراق إيران مكشوفة، سواء أكانت فى مضيق هرمز الاستراتيجى وتأثيره على الملاحة الدولية، أو من خلال نفوذها فى اليمن والعراق وسورية ولبنان، للضغط على الولايات المتحدة للالتزام بالاتفاق النووي، ورفعِ العقوبات القاسية.

أما الولايات المتحدة فتحاول من خلال اغتيال سليمانى تذكير القوى الدولية والإقليمية بأنها لا تزال موجودة وفاعلة، بل ومتحكمة فى كافة أوراق اللعبة بالمنطقة، بهدف تركيع إيران، أو الضغط عليها، لجرِّها نحو الحظيرة الأمريكية، غير مكترثة بتهديدات طهران، أو ردود الأفعال الغاضبة.

باعتقادنا، لن تطور الأمور إلى الاندفاع نحو الحرب، فالطرفان لا يرغبان فى ذلك، وإن كانت أى ردود أفعال متهورة من جانب إيران، قد تجعل الولايات المتحدة كالثور الهائج، وبالتالى قد تردُّ بشكلٍ عنيف يستهدف الداخل الإيراني.

نعلم أن الأحقاد عميقة ودفينة بين الجانبين، ولذلك فإن نشوب حرب شاملة أمر مستبعد، لأن التكلفة لن تستوعبها أمريكا وحلفاؤها، أو إيران المنهكة، ومن يسيرون فى فلكها، وبالطبع ستحاول روسيا و الصين تحقيق مصالحهما، دون التورط فى الحرب.

إذن، نستبعد قيام تلك الحرب، التى يتوقع كثيرون نشوبها قريبًا، لكها قد تقع فقط فى حال وجود تهديد حقيقى للكيان الصهيوني، أو تعرضه لخطر وجودي، ولذلك تابعنا إعلان حالة الطوارئ فى «إسرائيل»، التى بدأت فور اغتيال قاسمى بإنشاء وتجنيد وحدة عسكرية جديدة متعددة الأبعاد والأسلحة.

وأمام هذا الوضع المتأزم، تبقى عدة سيناريوهات مطروحة، وهى أن ينسحب الطرفان أو أحدهما من المشهد، وهو أمر صعب الحدوث، لأنهما يعتبران وجودهما حتميًا للحفاظ على مصالحهما، أو تطويق الأزمة ووقف التصعيد، وذلك قطعًا يحتاج إلى جهود دولية جبّارة.

أما باقى السيناريوهات، فهى لن تتعدى استمرار حالة «لا حرب.. لا سلم»، أى سياسة الفعل ورد الفعل، كما جرت العادة، منذ العام 1979، دون تفاقم الأمور والوصول إلى نشوب الحرب، أو انتظار ما سوف تُفضى إليه الانتخابات الأمريكية القادمة، وتحديد مصير ترامب.

لكن، من الصعوبة فى المستقبل القريب تغيير قواعد اللعبة، رغم التصريحات السياسية الساخنة، فعملية تصفية قاسم سليمانى كانت بقرار من الرئيس الأمريكي، الذى يسعى إلى توظيف العملية انتخابيًا، وجلب مزيد من أصوات اللوبى اليهودى إيباك، والمسيحيين الإنجيليين.

أخيرًا.. أمام كل هذه الخيارات والسيناريوهات فى أعقاب اغتيال سليماني، تبقى إيران فى معضلة معقدة.. بين خيار المواجهة والمخاطرة، باستفزاز أمريكا وحلفائها والغرب، أو شن عمليات بالوكالة، لدرجة الاحتكاك مع «إسرائيل»، أو تستفيد من هذه «الهدية السياسية»، خاصة مع بوادر وساطة سويسرية لإجراء مفاوضات بشأن رفع العقوبات.

[email protected]