عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

خلال افتتاحه مشروع الإسكان الاجتماعى القومى بشائر الخير 2 بمنطقة غيط العنب بالإسكندرية فى ديسمبر 2018 كان للرئيس السيسى ملاحظة بالغة الدلالة تكشف عن جانب كبير مما نود الإشارة إليه فى هذه السطور. حيث أوضح الرئيس أنه خلال قدومه بالطائرة لاحظ أن هناك عمليات بناء فى المناطق التى تقع غرب وجنوب مطار النزهة متسائلا ماذا يبنى الناس هناك؟ هل هذه الأراضى مخططة؟ مجيبا بالنفي. واستطرد بطرح تساؤل آخر: هل حصلوا على تراخيص؟ مجيبا بالنفي. وهنا وجه خطابه إلى المسئولين قائلا إذن لماذا تسكتون؟ وهنا راح يسأل عن مدير أمن الإسكندرية الذى لم يكن حاضرا اللقاء.

ويبدو أن المشهد كان بالغ الوطأة فى نظر الرئيس حيث راح يعبر عنه بنبرة ممزوجة بالأسى قائلا:« الكلام ده فيه تجاوز شديد.. الناس تعودت عليه ولم يعد مقبولا دلوقتي. هانفضل تعبانين كده.. هانفضل دولة تعبانة طالما الناس بتعمل حاجة غلط وأنا عاوز ألحقهم فباعمل غلط معاهم». منهيا حديثه بالتأكيد على أن مثل هذا الوضع «لا بد أن ينتهى إذا كنتم تريدون أن تكونوا دولة لها قيمة ومكانة»، موضحا أن هذا الكلام «ليس للمسئولين فقط وإنما أيضا للمواطنين».

كان الخاطر الذى دار فى ذهنى آنذاك هو أن الملاحظة التى أشار إليها الرئيس أمر يتعلق بأداء الأجهزة المحلية ولا يجب أن يصل إلى مستوى رئاسى وأن تدخل الرئيس بالتنويه لهذا الأمر، بعد كشفه لهذا الخلل بالصدفة، إنما استهدف علاج تقصير فى أداء أجهزة رسمية لمهامها ولعله من هنا كان استدعاء مدير أمن الإسكندرية للفت نظره لمثل هذا الوضع الخاطئ!

واذا كان أى موقف إنسانى أو مجتمعى يمكن النظر إليه من زوايا مختلفة ومتباينة، وهذا طبيعى ومنطقي، فإن شيئًا من هذا القبيل ربما يكون قائما فى النظر للمبادرات الرئاسية العديدة التى تم طرحها منذ تولى الرئيس السيسى مهام الحكم. إنها مبادرات ذات أهداف سامية وتصب- حال تطبيقها كما هو مرسوم لها- فى تحقيق نقلة نوعية فى المجتمع، فضلا عن أنها تلمس أوتارا حساسة أو بمعنى أصح مشاكل وقضايا مزمنة تقع فى صميم حلم المواطن المصرى بتجاوزها.

خذ على سبيل المثال أهم هذه المبادرات وليست كلها والتى يأتى على رأسها: مبادرة 100 مليون صحة ، مبادرة حياة كريمة ، مبادرة «مراكب النجاة»، مبادرة تشجيع شراء المنتج المحلي، مبادرة صحة المرأة، مبادرة «نور حياة»، مبادرة « صنايعية مصر»، مبادرة القضاء على قوائم انتظار العمليات الجراحية الحرجة.

ورغم نبل فلسفة هذه المبادرات إلا أن الملاحظة الأساسية التى ترد عليها أنها تمثل عبئا على مؤسسة الرئاسة وتكليفها بما قد لا تطيقه فى ضوء زيادة الأدوار المنوطة قيامها بها رغم أنها مهام يجب أن تقوم عليها الوزارات أو الأجهزة المعنية كل فى قطاعه.. الصحة فى قطاع الصحة، والتعليم فى قطاع التعليم... إلخ! باختصار أنها تكشف أو تشير إلى حالة كسل أو عدم قيام الوزارات المعنية بمهامها على الوجه الأكمل، على غرار نموذج البناء غرب وجنوب المطار الذى أشار إليه الرئيس.

إن الوجه الآخر لهذا الأمر إنما يعنى أو يتطلب العمل على تفعيل روح المبادرة لدى هذه الهيئات – وزارات كانت أم مؤسسات مختصة – وعدم اقتصارها على لعب دور المتلقي، وهو دور سلبي، واكتفائها بأن تكون مجرد أداة للتنفيذ ليس إلا! الدرس الذى يجب أن تستخلصه الجهات القائمة على تطبيق المبادرات أن تقتدى بهذا النهج فى المبادرات الرئاسية وأن تقدم هى ذاتها على تقديم ما يمكن أن يمثل خريطة مبادرات مجتمعية تشمل كل قضايا وهموم المجتمع تتكامل مع ما تم طرحه من مبادرات بحيث يتم خلال فترة زمنية القضاء على مظاهر الخلل والقصور فى المجتمع سواء كانت صحية أم إسكانية أم سلوكية.. أم غيرها.

ولا ينبغى هنا لأحد أن يتحجج بفكرة مركزية الدولة، وحتى لو كانت مثل هذه الفكرة موجودة لوجب العمل على تجاوزها، ولعل فى حديث الرئيس السيسى خلال افتتاحه عددًا من المشروعات التنموية فى السويس وجنوب سيناء فى نوفمبر الماضى ما يعزز رؤيتنا تلك حين أكد فى معرض تعليقه على حديث للدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان قائلا إن ما يتم تنفيذه – من مشروعات تنموية من بينها تلك التى كان يتم افتتاحها – «ليس وليد وجودنا فى الوظيفة دي».. مضيفا أنها «مخططات كانت موجودة أتيحت لنا الفرصة لتنفيذها» وهو ما يفهم منه أن فضاء الإنجاز مفتوح أمام الجميع وأن الأمر ليس مجالا لاحتكار الحكمة والإبداع مع التأكيد فى الوقت ذاته على الحرص على أن يتم إعطاء الناس حقها بشأن ما بذلته من جهد للتطوير والدفع بالدولة الى الأمام.

بهذه الروح فقط يمكن لنا تحقيق قفزات فى تجاوز عثراتنا ومشاكلنا دون أن ننتظر أن تمطر علينا سماء الرئاسة مبادرات، ليس لنا منها سوى التنفيذ، مع ما قد يكون على هذا التنفيذ من ملاحظات.. وهو ما يعنى ضرورة أن نفتح الباب أمام مبادرات تنطلق منا مؤسسيا ومجتمعيا، تساهم إلى جانب تلك المبادرات الرئاسية فى تحقيق ما أشار إليه الرئيس فى تحقيق هدف أن نكون دولة «لها قيمة ومكانة».

‏Mostafa196[email protected]