رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رواندا هى نموذج ملهم لدولة إفريقية نجحت فى تحقيق مجموعة من أسرع معدلات ومؤشرات التنمية فى القارة الإفريقية، وزيادة فرص العمل، وتنويع الاقتصاد، وتعزيز مصادر الدخل الفرد والقومي، لتقدّم نفسها كمعجزة اقتصادية إفريقية ملهمة رواندا كانت شاهدا على واحدة من أبشع حروب الإبادة الجماعية، وراح ضحيتها ما يقارب 2 مليون نسمة فى تسعينيات القرن الماضي، اليوم جاء لنسلط الضوء على تجربتها الملهمة فى التعافى من الصراعات والنزاعات والنهوض من جديد نحو مستقبل أفضل. كيف تمكنت رواندا من تطويق آثار الحرب الأهلية وإرساء حالة من التقدم الاقتصادى وتعزيز التنمية المستدامة؟ كيف لدولة أن تتحول من رماد الحطب والحرب لدولة تحصد كل هذا الثناء على تجربتها الملهمة؟ الجواب باختصار لكى نتعلم معنى العرفان للأوطان تتلخص فى الآتى:

تحقيق معدل نمو اقتصادى وصل 7.2 %  متعديا 3 أمثال معدل النمو السكانى وتقليص الوقت اللازم لإنشاء نشاط تجارى فيها من 43 يوماً إلى 4 أيام فقط لتضارع سنغافورة، لتتصدر الدول الإفريقية فى استقطاب رجال الأعمال. وهذه أمور عمليا  لا نعجز عليها فى مصر. وفى مجال الثورة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحتل موقع الريادة إفريقياً، إذ توفر الإنترنت مجاناً، كما أنها رائدة فى توظيف التكنولوجيا الحديثة فى المجال الاقتصادي، وأعادت بناء البنية التحتية لتدعم نمو القطاع الخاص، وترسخ ثقافة ريادة الأعمال وتشجيع انطلاق الأفكار المبتكرة والمشاريع الناشئة، وتعزز من مكانة المرأة. بل أصبحت مركزا عالميا لصناعة الخدمات، واستخدام التقنيات المالية لتعزيز الاقتصاد الذكى اللانقدي، ونجح البرنامج الوطنى الرواندى لتنظيم حيازة الأراضى فى تحسين إجراءات تسجيل الأراضي، ما نتج عنه من انتعاش سوق الأراضى وتشجيع الملكية الخاصة، ليشهد بالتالى قطاع العقارات والإنشاءات طفرة كبيرة عززت من نمو إجمالى الناتج المحلي.

وهى أمور نادى بها الرئيس السيسى خاصة فى منتدى شباب العالم بشرم الشيخ الاسبوع الماضى وخصص محورا للذكاء الاصطناعى، ولكن لا يمكن أن ندخل عصر الذكاء الاصطناعى باضمحلال فكرى عتيق ترسخ عبر عقود انفرط فيها عقد التعليم. فبعد أن كان يطلق عليه وزارة المعارف، أصبحت وزارة التربية والتعليم وغرقنا طوال هذه العقود فى صراع فرض علينا أيهما يسبق من التربية أم التعليم؟ وأعتقد أن من فرض علينا هذا الصراع هو الأدرى بما وراء هذا الصراع الجهنمى الذى نقلنا من دولة كان يحسدنا عليها باقى الأمم إلى دولة ننظر فيها لرواندا على أنها نموذج ملهم، وهذا ليس تقليلا من أحد حتى ولو كان حيوانا أو طائرا، فالغراب ألهم هابيل وعلمه كيف يوارى سوءة أخيه.

فقد أعطت رواندا أهمية قصوى للتعليم؛ بعدما أيقنت أنه الحل لكل المعضلات التى تنخر البلد واتخذت قرارات أهمها  تغيير لغة التدريس فى المقررات التعليمية من الفرنسية إلى الإنجليزية. وفرض مدة دنيا إلزامية حددت فى 12 سنة من التعليم المجاني. واستبدل نظام تقييم المدرسين من الأقدمية نحو معيار نسبة النجاح. وأقرت زيادة مستمرة فى ميزانية التعليم ليصل 22% عام  2018 .

طبعا صعب أن نصل لهذه النسبة بعد تحديدها فى الدستور، ولكن ليس مستحيلا طبعا، أما عن السياحة التى منّ الله علينا بكل مقوماتها نجد رواندا التى لا تمتلك إلا حيوان الغوريلا بالعلم فقط وليس بالفهلوة التى لصقت بالسياحة عندنا استطاعت رواندا أن تصل بأعداد السياح عام 2018 إلى أكثر من مليون سائح ما عزز الفرص الاقتصادية وحولها إلى وجهة عالمية جديدة تستقطب الزوار والسياح من أنحاء العالم.

وكانت نتائج ما سبق على رواندا تراجع معدل الفقر من 60 فى المائة إلى 39 فى المائة، وانخفضت نسبة الأمية من 50% إلى 25%. فى المقابل ارتفع متوسط حياة الفرد من 48 عاما إلى 64 عاما. واحتلت رواندا المركز 44 عالميا، والأولى على مستوى إفريقيا فى مؤشر محاربة الفساد. فالروانديون يشعرون طوال الوقت بأن لا أحد فوق القانون وهو سر نجاحهم الذى نفتقده وهذا يؤكد لنا لماذا يحرص الرئيس على محاربة الفساد وخاصة الفساد الإدارى هو العدو الأول لمصر الجديدة. لقد قدمت رواندا درسا بليغا للعالم الثالث، مفاده أن تحقيق المعجزات لا يزال ممكنا فى أى بلد، بشرط التوافق على رؤية واضحة وقيادة حازمة وإدارة مواطنة.

--

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام