عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

ما يحدث مؤخرًا فى الهند، «بلد العجائب»، ليس سوى إشارة متكررة، تُسهم فى انتشار مشاعر الكراهية والانتقام، وتأجيج العنصرية، وقتل قيم المواطنة والمحبة، وتقويض الحرية والسلم الاجتماعي.

أخيرًا، مرَّرَت حكومة الهند قانون الجنسية المعدَّل عبر البرلمان، لكنها لم تكن تتوقع أنها ستواجَه بمظاهرات عارمة على امتداد البلاد، حيث أثار القانون غضب واحتجاجات المسلمين الهنود، أكثر من غيرهم.

القانون الجديد الذى أقرَّه البرلمان، يسمح للحكومة الهندية بمنح الجنسية لملايين المهاجرين غير النظاميين القادمين من ثلاث دول مجاورة، قبل نهاية ديسمبر 2014، شريطة ألا يكونوا مسلمين!!

التاريخ المعاصر، يكشف بوضوح، أن تقسيم الهند على أسس دينية، كان من أسوأ الأحداث التى مرت بها البلاد عبر تاريخها، ولذلك نتصور أن الإقدام على هذه الخطوة «العنصرية» يعكس رغبة الحكومة فى الظهور بمظهر حامى الهندوس!

لكن، مع إقرار القانون الجديد للجنسية الهندية، تكون الحكومة برئاسة نرندرا مودي، أنجزت تعهدًا انتخابيًا جوهريًا، كانت قد حددته لنفسها أمام ناخبيها، بمنح الجنسية للأقليات المهاجرة من الدول المجاورة ذات الأغلبية المسلمة.

هذه الخطوة، وإن بدت ظاهريًا أمام العالم أنها «إنسانية»، إلا أنها تمثل حقدًا عنصريًا وتمييزًا دينيًا! ولذلك نتساءل: كيف تمنح حكومة الهند الجنسية لأقليات مضطهدة من الهندوس والسيخ والبوذيين والجاينجيين والبارسيين والمسيحيين، وتستثنى المسلمين دون سواهم؟!

رسميًا.. تعتبر الهند دولة علمانية، رغم أن 80% من سكانها يعتنقون الهندوسية، فى حين يشكل المسلمون 14% من السكان، و6% لباقى الديانات، ولذلك لو كان السبب فى تمرير هذا القانون هو منح الجنسية للأقليات المضطهدة دينيًا، فلماذا تتجاهل تلك السياسة الاعتراف باضطهاد الأقليات المسلمة بدول مجاورة مثل ميانمار والصين؟!

نعتقد أن تلك تعديلات القانون، التى أقرَّت منح الجنسية للمهاجرين من ثلاث دول «أفغانستان، بنجلاديش، باكستان» على أن يكونوا من غير المسلمين، هو إقصاء متعمَّد للمسلمين، مقارنة بالديانات الأخرى، كما أن هذا «التمييز الديني» غريب على الهند، التى كانت مثلًا يُحتذى فى التعددية الدينية وقبول الآخر، حيث مئات الأديان والأعراق!

للأسف، لم يهتم أحد لمشكلة أكثر من 200 مليون مسلم، فى واحدة من أكبر تجمعات المسلمين حول العالم، كما لم نسمع صوتًا واحدًا لزعيم مسلم أو دولة إسلامية، أو حتى بيان شجب من المنظمات والهيئات الدولية، ناهيك عن قيادات العالم الغربى «المتحضر»، الذين يتشدقون بقيم الحرية والعدالة والمساواة!

نتصور أن مثل تلك القوانين تروِّج بشكل مباشر وصريح لظاهرة «الإسلاموفوبيا»، وتخل بمبدأ المواطنة، كما تقف حاجزًا ضد تحقيق الأخوة الإنسانية والعيش المشترك.. فما يحدث بالهند، ليس سوى حلقة فى مسلسل اضطهاد المسلمين حول العالم، خصوصًا مأساة مسلمى الإيجور فى الصين، ومذابح المسلمين الروهينجا فى ميانمار!

للأسف، ما يحدث للمسلمين «وحدهم»، هو اضطهاد مقصود.. ولأنهم فى أضعف حالاتهم منذ عشرات السنين، فإن أى تنكيل بهم، يُقابل بصمت عالمي، وتواطؤ مفضوح، أو على الأقل حياد غبي، يؤكد نفاقًا دوليًا صارخًا، وانحطاطًا إنسانيًا غير مسبوق.

أخيرًا.. الغرب «المنافق» وأذنابه المغيَّبون، صدَّعوا رؤوسنا بتوظيف ظاهرة «الإسلاموفوبيا» المتنامية، لـ«قهر» المسلمين وحدهم، فألصقوا بهم تهم الإرهاب والعنف والهمجية، لكنهم مستمرون فى ادِّعاء الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، كما يتجاهلون ما يتعرضون له من أبشع أنواع الظلم والقهر، وكأن هؤلاء «البؤساء» ليسوا سوى «مخلوقات» من كوكب آخر!!

[email protected]