رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التكفير وفقًا لمدرسة التحليل النفسى هو حيلة نفسية دفاعية تدرأ عن الفرد وطأة الشعور بالذنب أو ما يُسمُّونه وَخَز الضمير أو الضمير الغاضب.

والضمير الغاضب يُولد شعورًا سلبيًا عميقًا بالخجل والاشمئزاز من النفس مرتكبة الذنب، ووخز الضمير يُولد غضبًا شديدًا ومستمرًا يُوجَّه ناحية النفس فلا يهدأ أو يطمئن إلا بقيام النفس بعقاب ذاتها عقابًا ماديًا أو معنويًا نتيجة لارتكابها الذنب وتكفيرًا عنه، لذا يُقال إن وخز الضمير ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالعقاب وذلك كله لتحقيق الراحة والطمأنينة والهدوء للضمير الغاضب.

والعقاب المادى يكون ببذل المال كتعويض عمّا سبّبه من أذى لغيره ولكن غالبا قد لا يُوجهه لمن أذاه بل يتقرب لله لكى يعفو عنه ويغفر له،أما المعنوى فيشمل كل أشكال العقاب النفسى الموجهة للنفس من لوم واتهام وغضب وإحساسها بالذنب.

فمثلا نوبل مكتشف الديناميت والذى رصد جائزة عالمية ضخمة من أجل السلام، والتاجر الغشاش الذى يتصدّق كثيرًا، وامرأة تسخر من غيرها وتؤذيهم ثم تركض لتصلى الصلاة فى وقتها، وآخر يظلم غيره وينتزع حقوقه بدون وجه حق ثم يتبرع لبناء مسجد، والأمثلة مازالت كثيرة.

أما نوايا من يُكفرون عن ذنوبهم فلا يعلمها إلا الله، فمنهم من يكون صادقًا فى توبته ومُخلصًا حقًا فى تكفيره عن ذنبه، فتراه نادمًا على فعلته السابقة وآسفًا على ذنب قد صدر منه فأقلق مضجعه وأطار النوم من عينيه فأصرّ لاحقا على عدم تكراره بعد أن تملكته رغبة صادقة فى إعلان توبته والتبرؤ من ذنوبه والعودة إلى الصواب، ومنهم من يدّعى كذبًا للجميع أنه قد تبرّأ من ذنبه وندم عليه ولكنه يفعله فى الخفاء ويدعى كذبًا ذلك خوفًا من العقاب المجتمعى فقط، والكثير من يطلب العفو من الله على سييء أقواله وأفعاله ولا يطلبه ممّن أذاهم وظلمهم وانتزع حقوقهم وشوّه سيرتهم، مع أن هذا هو رد الفعل المطلوب، أن تطلب العفو ممّن أسأت له، وأن تعتذر له عمّا بدر منك من أخطاء، لكن هيهات.

فالقليل منّا من يمتلك شجاعة الاعتراف بالذنب والاعتذار أمام من أخطأ فى حقهم، فالقليل منّا من يرد الحقوق لأصحابها بعد أن ظلمهم وبغى عليهم وأعرض عنهم من قبل حتى ولو اعترف بحقوقهم أمام نفسه فى الخفاء، والقليل منا الذى يُوجه اعتذاره لغيره بعد أن ظلم و سخر وقلّل منه وشوّه سيرته، والقليل مِنّا من يُعلن على العلن خطأه وظلمه وكذبه ونهبه، يصعب جدا على بعض النفوس أن تطلب العفو ممن أساؤوا لهم أو ممّن ظلموهم وآذوهم، ثقيل جدًا على بعض النفوس أن تعلن للجميع خطأها أو جُرمها فى حق الآخرين حتى لو قام المخطئ بتأكيد خطأه أمام نفسه واعترافه بذلك مرات ومرات.

يا له من كِبر مقيت، تملّك من النفس وملكها بإحكام مانعًا إياها من التلفظ بكلمات العفو والاعتذار نحو من ظلمهم وأساء لهم.

أنسيت أيها المُتكبر العنيد أم تناسيت أن من ظلمتهم وبخلت حتى بتوجيه الاعتذار لهم، أنهم قد عانوا وتكبدوا كثيرا مرارة الظلم البغيض وتغلغل بسواده ولعنته فى نفوسهم فما استطاعوا نومًا وما ذاقوا فرحًا وتمنّعت الطمأنينة والراحة من أن تلبث بداخلهم ولو للحظات، وعاشوا على الأرض بنفوسٍ قد ماتت مرارا حتى ولو كانت أجسادهم حية تلفظ بالحياة، أتبخل عليهم بكلمة عفو أو اعتذار أو اعتراف بالذنب؟ يا لك من متكبر وعنيد! 

[email protected]