عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

مر عامان على قرار ترامب المشئوم.. وعد بلفور الجديد.. الذي بمقتضاه يمنح من لا يملك حقوق العرب مرة أخرى لمن لا يستحق.. قرار اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.. الذي عاد بقضية العرب الأساسية إلى نقطة الصفر.. في تحدٍ سافر لكل المرجعيات والقرارات الدولية والأممية الداعمة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة فوق أرضه المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية.. عامان انقضيا ولم يقدم العرب إلا المزيد من الصمت الى حد التواطؤ.. والوجوم الى حد الخذلان.. وحتى بيانات الشجب والرفض والإدانة التي اعتادوها لم نسمع لها صوتًا في هذه الكارثة!

•• وكما حذرنا من قبل

فقد جاء قرار ترامب ليقضي على أي حديث يتعلق بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية.. أو يتعلق بالشرعية الدولية.. أو الدور الأمريكي فيما يسمى بـ«عملية السلام» التي هي ليست في حقيقتها إلا «لعبة العصى والجزرة» التي يسحبوننا بها إلى طريق لا ينتهي من المساومات والتنازلات والخدع والأكاذيب.. إذ كيف لدولة كبرى أن ترعى تلك التسوية وهي تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية.. وتناقض الإجماع الدولي على أن الوضع النهائي لمدينة القدس لا يمكن تحديده إلا في إطار تسوية كاملة وشاملة تقبلها جميع الأطراف؟!

كيف لأميركا أن ترعى السلام.. وهي تكافئ الطرف المعتدي وتساعده على استمرار سياسة الاحتلال والتطهير العرقي.. وعلى تحديه «الفاجر» للشرعية الدولية.. وعلى انتهاكه كل العهود والمواثيق والاتفاقات الموقعة مع باقي الأطراف.. وهي أيضًا تعلم أنها بما تقدم عليه تشعل من جديد نيران الصراع في المنطقة التي باتت مهددة بفعل السياسات الأمريكية والصهيونية إلى الإنجراف إلى آتون حرب دينية مدمرة؟!

إن ترامب بقراره الأخرق هذا كان يعي تمامًا أنه إنما يدعم تنظيمات التطرف والإرهاب بقوى دفع جديدة تزيد من انتشارها تحت غطاء «المقاومة والجهاد».. كما أنه يفقد ثقة كل القوى المعتدلة التى كانت تساند فكرة التسوية السلمية.. ويدمر كل ما بقى من فرص للسلام.

وما كان ترامب ليجرؤ على قراره هذا المجنون.. لو لم يستشعر ضعف الأمة العربية.. وانقسام دولها.. وتآمر بعضها على البعض.. حتى تفتت وتهدمت دول بأكملها مثلما حدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا.. التي زالت جيوشها وخارت قواها.. حتى أنه لم يعد للعرب كلهم إلا جيش مصر الوحيد الباقي درعًا وسيفًا للأمة كلها.

•• لم يجد ترامب من يردعه

فتجرأ أكثر وواصل إصدار عدة قرارات ظالمة أخرى.. استهدفت تصفية القضية الفلسطينية.. ابتداء بقطع المساعدات المالية عن الشعب الفلسطيني وعن وكالة غوث اللاجئن الفلسطينيين «الأونروا».. ووصولًا إلى قراره الأخير الخاص بشرعنة إقامة المستوطنات الإسرائيلية فوق الأراضي المحتلة.

بينما لا يملك الفلسطينيون إلا خيار العودة إلى الكفاح السلمي وتنظيم التظاهرات والمسيرات.. فأشعلوا نيران الانتفاضة من جديد في أراضيهم المحتلة.. وأعلنوا إلغاء تفاهمات «أوسلو» بكل ما يترتب عليها من التزامات.. وقرروا اللجوء الى المحكمة الدولية لإلغاء قرار ترامب وحث المجتمع الدولي على إدانته.. وقطعت القيادة الفلسطينية اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأمريكية.. فوجد الإسرائيليون ضالتهم من أجل أن يصبوا الزيت فوق نيران الصراع.. ويوغلوا في العدوان على الفلسطينيين وتدمير وهدم بيوتهم وحصد أرواحهم وإراقة دمائهم.

لكن عزاؤنا وعزاء أشقائنا الفلسطينيين أن ترامب لم يفلح طوال العامين المنقضيين بكل ما مارسه من الضغوط ولوح به من المغريات إلى دول العالم.. في أن يدفعها إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفاراتها إلى المدينة أسوة بما فعله.. لم يتجاوب المجتمع الدولي بأكمله مع القرار الأمريكي الذي بات معزولًا وشاذًا.. كما أسهمت الضغوط السياسية التي مارستها الدول العربية والإسلامية في منع العديد من الدول الغربية من الإقدام على خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل سفاراتها إليها.. وأظهر ذلك أن غالبية دول العالم تؤيد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.. وهو ما يجب على العرب والفلسطينيين أن يستثمروه جيدًا.

•• وفوق كل ذلك

 يبقى على إخواننا الفلسطينيين وكل العرب ضرورة الاستماع إلى صوت العقل.. الذي ينادي بالمصالحة والاصطفاف ونبذ الخلافات والانقسامات والمؤامرات ودحر الفتن.. ففي ذلك وحده تكمن قوة العرب الحقيقية التي يخشاها أعداؤهم.