رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حوادث الانتحار قديمة قدم الدنيا – حتى الحيتان تقدم على ظاهرة الانتحار الجماعى، وكثير من الحيوانات تمتنع عن الأكل فى ظروف معينة إلى أن تموت، تناول اليونانيون القدامى ظاهرة انتحار الحيوانات، فى القرن الثانى الميلادى، قام الباحث اليونانى كلاوديوس آليانوس بتخصيص كتاب كامل لموضوع انتحار الحيوانات، حيث استشهد بواحد وعشرين حالة تبدو كانتحار بين الحيوانات، من بينها عدة حالات لكلاب امتنعت عن تناول الطعام بعد وفاة أصحابها حتى ماتت جوعًا.

 ونقلا عن جريدة «الوفد – عدد 19 ديسمبر 2018» هناك دراسة لوزارة الصحة، كشفت أن 21.7% من طلبة الثانوية العامة فى مصر يفكرون فى الانتحار، وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى 2015، إن معدلات الانتحار فى مصر تفاقمت إلى 4200 حالة سنويًا، وتقول أحدث الاحصاءات الموجودة على موقع منظمة الصحة العالمية، إن هناك 88 حالة انتحار من بين كل 100 ألف مصرى، أى أن هناك قرابة 88 ألف شخص ينتحرون كل عام. هذه الأرقام شكك فيها علماء الاجتماع مؤكدين أنها مُبالغ فيها.. المتأمل فى ظروف المنتحرين فى مصر والعالم لن يجد عاملا مشتركا بينهم سوى القرار نفسه، وإذا كان الفقر والفشل فى الحياة مسببين للانتحار، فإن قائمة الأثرياء والمشاهير الذين يقدمون على إنهاء حياتهم بأيديهم طويلة ومدهشة.

مثلا فى عالم كرة القدم ومشاهير اللاعبين سنجد حالات انتحار غريبة لأناس حياتهم مليئة بالمال والشهرة والحظ العظيم. اندرياس بيرمان اللاعب السابق فى سان باولى ويونيون برلين، انتحر فى الثالثة والثلاثين بعد معاناته من مرض الاكتئاب - انتحار إدوارد كوسولابوف المهاجم السابق لفريقى دينامو موسكو ولوكوموتيف نوفجورود الروسيين - روبرت إينكه حارس منتخب ألمانيا انتحر فى 2009 حزنا على ابنته التى توفيت صغيرة - جوستن فاشانو، نجم كرة القدم الإنجليزى أنهى حياته وهو فى السابعة والثلاثين من عمره بعد أن أصيب بضغوط عنيفة لاتهامه فى قضية اعتداء جنسى على صبى.

فى أوساط القادة والملوك بدأت ظاهرة الانتحار مبكرة وأشهرها انتحار الملكة كليوباترة حزنا على انتحار حبيبها أنطونيوس الذى أنهى حياته متجرعا السم عقب هزيمته أمام أوكتافيوس فى معركة أكتيوم سنة 31 ق.م.. انتحار الزعيم النازى هتلر، ثم انتحار وزير إعلامه جوبلز وزوجته وأطفاله الستة الذين جرعهم السم قبل انتحاره هو وزوجته حتى لا يحاكمهم الروس المنتصرون.. انتحار ديبندار بيكرام ولى عهد مملكة نيبال فى 1 يونيو 2001 بإطلاقه الرصاص على عائلته وقتل 9 منهم ثم انتحاره.. كذلك انتحار المغنية المصرية الأصل داليدا يوم 3 مايو 1987، بعد أن تعاطت جرعة زائدة من الأقراص المنومة، وأخيرا وليس آخرا كان المشهد الدراماتيكى لانتحار طالب الهندسة بالقاء نفسه من فوق برج القاهرة مطلع الأسبوع الجارى.

 تأمل الدوافع الحقيقية للانتحار تدلنا على أن القرار وقت اتخاذه يبدو لنا قفزة للمجهول من نافذة، إلا أن المنتحر ربما يراها انتقالًا لعالم أكثر رحمة من حياة أشد قسوة.. المسألة على ما يبدو نوع من الشعور العنيف بالرغبة فى تحطيم الوجود القائم ولكن ليس بالمعنى العدمى وإنما تحطيم وجود ملموس والانتقال إلى وجود غير معلوم.. الانتحار فى كل الأحوال هو آخر قرار يتخذه صاحبه فى حياته، وهو القرار الوحيد الذى لن يستطيع صاحبه أن يتيقن من نتائجه.. هل المنتحرون يفقدون عقلهم تماما لحظة الانتحار.

 أتصور أن هذا الاعتقاد غير صحيح. كثيرون يحددون نهايتهم بأيديهم وهم فى قمة الهدوء والتركيز بأن الحياة لم يعد لها معنى وليس بها ما يستحق أن نتشبث به.. عموما تتعدد الأسباب والموت واحد – وقد لخص الشاعر اسماعيل صبرى ما يختلج بعقل الراغب بالموت بقوله «يا موت ها أنا ذا فخذ ما أبقت الأيام منى  بينى وبينك خطوة إن تخطها فرجت عنى » أما شاعرنا حافظ ابراهيم فكتب لوالده قبل مغادرته للبيت معاتبا إياه على ضعفه أمام زوجته التى ارتبط بها بعد وفاة أمه « ثقلت عليك مئونتى إنى أراها واهية  فافرح فإنى ذاهب متوجه فى داهية».. إنها الدنيا يا سادة بكل ما بها وبنا من حكمة وجنون.