رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

الى متى يستمر الاستخفاف والإنكار تجاه وجود أزمة تعليم حقيقية.. وانهيار تام وغير مسبوق في المنظومة التعليمية؟!.. الى متى يستمر هذا الانفصام بين الواقع المخيف والتخريب المتعمد والفساد المستشري في أهم مؤسسات الدولة وأخطرها على الإطلاق.. المؤسسة التعليمية.. التي تمثل بالنسبة لأي دولة الاستثمار الأهم والأبقى.. وبين فكر وفعل وضمير القائمين على إدارة هذه المعلومة.. والمكلفين بأمانة الإنقاذ.. بينما هم لا ينشغلون الا بأمور سطحية وبرامج خيالية و«افتكاسات» تضر ولا تنفع.. ولا هم لهم إلا «الشو الإعلامي» واستعراض المهارات الكلامية.. والحفاظ على مقاعدهم ومكاسبهم الشخصية لأطول فترة ممكنة.. وليحترق التعليم.. ويحترق مستقبل أجيال كاملة قادمة.. دون أن يهتز لهم جفن؟!.. والى متى يستمر العناد والمكابرة في الدفاع عن الاختيار السيئ.. رغم أن سوء الاختيار في حد ذاته أقل ضررا بكثير من التغافل عن تدارك الخطأ وإصلاحه؟.

•• وللأسف

فإن «الافتكاسات التعليمية» مازالت مستمرة.. وأحدث هذه الافتكاسات.. وليس بآخرها.. ذلك القرار المُضحك المُبكي الذي أعلنته وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بشأن نظام الدراسة والتقييم لمادة التربية الرياضية «حصة الألعاب» بمرحلة التعليم الأساسي.. من الصف الثالث الابتدائي حتى الثالث الإعدادي.. واعتبار مادة التربية الرياضية «الألعاب يعني» مادة أساسية.. أي مادة نجاح ورسوب.. مخصص لها 40 درجة.. موزعة بواقع 20 درجة في الترم الواحد.. منها 5 درجات للثقافة الرياضية.. و 5 للمهارة.. و5 للالتزام بممارسة التربية الرياضية.. و3 لسلوك التلميذ ودرجتان للزي الرياضي.. ودون وجود أعمال سنة أو امتحان تحريري.. بينما يتم امتحان التلاميذ شفويا عمليا لتقييمهم ومنحهم الدرجات.

المضحك والمبكي في القرار هو أننا نعلم جميعا بأنه لا يوجد أصلا شيء اسمه التربية الرياضية في المدارس.. ونعلم أيضا أن حصة «الألعاب» هي عادة «حصة فسحة» يقضيها التلاميذ ـ إن وُجدوا ـ إما داخل الفصول بلا مدرس.. أو في حالة فوضى تامة داخل فناء المدرسة.. أو في «التزويغ» خارج المدرسة لشراء ساندويتشات الفول وأكياس البطاطس.. فلا لبس رياضيا يلبسون رغم إرغامهم في بداية العام الدراسي على شرائه.. ولا ثقافة رياضية لديهم غير ثقافة التعصب الكروي.. ولا رياضة يمارسونها.. ولا مدرسين يعلمونهم الرياضة.. ولا ملاعب أو تجهيزات.. ولا ندري كيف سيتم هذا التقييم؟ ومن الذي سيقوم به؟!.

•• نتحدث عن المدارس الحكومية طبعا

ونعلم أن هناك من سيقولون إنهم «ينفذون تعليمات عليا» بالعمل على نشر الرياضة في المجتمع.. ونعلم أيضا أن هناك من سيقولون إن الواقع ليس مظلما الى هذا الحد.. ولهؤلاء وهؤلاء نقول: إن نشر الرياضة الحقيقي لا يكون بـ «التمثيل» و«الحركات» بينما ندرك جميعا أننا لا نمتلك الإمكانيات والأدوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

يا سادة.. قبل ان تفتكسوا الرسوب والنجاح في الألعاب.. فكروا أولا كيف ستعيدون الى المدارس هيبتها ودورها الحقيقي؟.. كيف ستعيدون التلاميذ الى صفوفهم الدراسية بدلا من الغياب عن المدارس والتواجد في مراكز الدروس الخصوصية في نفس أوقات اليوم الدراسي؟.. كيف ستجعلونهم يتلقون تعليما حقيقيا داخل المدارس؟.. وكيف تنقذونهم من بين أنياب مافيا الاتجار بالتعليم وأباطرة «السناتر»؟!

يا سادة.. استمعوا الى أولياء الأمور الذين أعيتهم كل الحيل تجاه ما يتعرضون له من ابتزاز مادي ومعنوي وتهديدات بضياع مستقبل أولادهم.. إذا لم يستجيبوا ويدفعوا «المعلوم» والرشوة المقنعة في شكل دروس خصوصية مقابل حصول أبنائهم على درجات أعمال السنة.. وعلى الامتحانات نفسها !!.

فكروا أولا كيف تحلون أزمة العجز الخطير في أعداد المدرسين.. التي وصلت الى حد أن تلاميذ بعض المدارس قد لا يتلقون فعليا أكثر من حصة أو اثنتين طوال اليوم الدراسي بسبب عدم وجود مدرسين.. وقد تكون حصة يجتمع فيها تلاميذ فصلين أو ثلاثة أو أكثر.. يتكدسون داخل فصل واحد ولا يحصِّلون أي فائدة حقيقية من المدرس.. بل إن الأمر وصل الى حد استعانة بعض المدارس بأولياء الأمور أنفسهم.. غير المتخصصين وغير المؤهلين بالشكل الكافي.. للتدريس للتلاميذ بنظام الحصة وبمقابل زهيد.. أليست هذه مهزلة المهازل؟!.

•• يا سادة

نقسم بالله أننا لا نريد إلا الإصلاح.. ولا نهتم أصلا بأن يبقى أي شخص أو يرحل.. وزير أو مدير أو غفير.. بل الأهم هو أن يبقى من يصلح.. فعلا لا قولا.. من يقدم إصلاحا حقيقيا أكثر مما يتكلم.

الأهم من كل هؤلاء الأشخاص هو استعادة ثقة الناس في أن هناك جدية في التعامل مع الأزمة.. وأملا في تغيير حقيقي يوفر تعليما سليما ويرحم أولياء الأمور ويعيد الى المؤسسة التعليمية قيمتها ودورها ولا يتركها فريسة للتجار والفاسدين.

•• اعلموا أنكم لن تستطيعوا خداع الناس أو الضحك عليهم بالحديث عن إنجازات وهمية وخطط وقرارات عشوائية فاشلة.. مثل درجات «الألعاب».. فأنتم لن تضحكوا إلا على أنفسكم.. لأنكم سوف تتحملون مسئولية ضياع أجيال متتالية.. بل مسئولية ضياع وطن بأكمله.. ألا قد بلغنا اللهم فاشهد.