عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

النظام الاجتماعى نتاج لتكنولوجياته، لذا نسمع عن العصر الحجرى والعصر البرونزى والعصر الصناعى وعصر الذرة، والآن عصر تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى وهو ما يميز عصرنا عن العصور السابقة التى تشترك فى توغل الذكاء البشرى فى صناعة الحضارة والتقدم حتى أصبح التقدم حكرا على أصحابه فقط دون باقى الدول، والدليل أن إنجلترا الدولة الأولى عالميا فى القرن الثامن عشر احتاجت 60 سنة لمضاعفة إنتاجها للفرد من الفترة ما بين 1780 حتى 1880 وهى تمثل فترة الثورة الصناعية الأولى.

لكن اليابان فى ظل الثورة الصناعية الثانية حققت هذه النتيجة وهى مضاعفة إنتاج الفرد فى 34 سنة اعتبارا من 1880 حتى 1914، بينما كوريا الجنوبية فى ظل الثورة الصناعية الرابعة حققت هذه النتيجة فى 11 سنة فقط بداية من عام 1966 حتى عام 1977 لتطل علينا الصين بعد عام 1979 على يد دونج سياو بنج، بتحقيق القفزة التاريخية لمضاعفة إنتاج الفرد فى أربع سنوات فقط بعد دخولها فى أتون الثورة الصناعية الرابعة وإحلال الذكاء الاصطناعى محل الذكاء البشرى فى مجالات وتطبيقات متعددة فى الصناعة والتجارة والزراعة حتى فى مجال الأزمات والكوارث، فبينما كان القاسم المشترك فى عصور ما قبل الذكاء الاصطناعى هو الذكاء البشرى نجد أن القاسم المشترك فى عصر الذكاء الاصطناعى هو الذكاء الاجتماعى بالسعى نحو التغيير واحتلال المكانة اللائقة.

لكن هذا لم يصل بعد للدول النامية التى جاءتها الفرصة الذهبية لطمس هوه الفجوة الزمنية بينها وبين العالم الأول بالدخول فى عصر الذكاء الاصطناعى وتحقيق قفزات تكنولوجية تمكنها من مضاعفة دخلها فى أقل من 4 سنوات لتلحق بركب التقدم لكن يبقى التحدى الأعظم، وهو مناهضة المجتمع لهذا الحراك والسعى نحو قرصنة المجتمع وفرض مبدأ أن الآله سوف تحل محل العامل لحشد القوى الشعبية تجاه هذا التغيير. والحقيقة التى يجب ان يعيها المجتمع أن التكنولوجيا الحديثة لمصر لا تمثل حلا لمشكلات الحاضر فقط، ولكن هى الهدف الاستراتيجى لمصر فى القرن الواحد والعشرين من أجل ضمان الوفاء باحتياجات الأجيال القادمة، وتحقيق نمو متوازن ومستدام لا يؤدى إلى نضوب الموارد، وهو ما يجب أن نتداركه ويقبله المجتمع بدلا من قرصنة محيط المجتمع. أمام مصر فرصة كبيرة فى توطين التكنولوجيا الحيوية التى تسرع التوجه نحو زيادة إنتاج الغذاء وتخفيض الأمراض وتحسين الحياة وتوطين أيضا تكنولوجيات الطاقة حيث نتميز بتوافر مصادر الطاقة المتجددة.

النماذج العالمية الناجحة والتى كانت مشابهة لنا أقدمت بعلم وإخلاص على إصلاح التعليم خاصة الفنى وأرست نظام للرعاية الصحية وخططت لإدارة المنظومة الاقتصادية والصناعية، ولكن يبقى العنصر الحاسم والأهم لنجاح تجربتها ألا وهو إلمام مؤسسات المجتمع بشكل عام بمفاهيم الثورة الصناعية الرابعة خاصة مفهوم الذكاء الاصطناعى والمردود على خطط التنمية. بصورة لا تمس ولا تضعف من تأثير الهياكل الاجتماعية المتعارف عليها مثل الأسرة والمدرسة ولا تتعارض مع رؤية أصحاب المعرفة التى اعتمد عليهم الناس لفترة طويلة.

ولأن هندسة مصر الجديدة تتطلب فهما أعمق لمعطيات هذا العصر، فكان المهم هو ضرورة البحث عن فكر إبداعى يحاور المستقبل الذى بالطبع لن يكون كمستقبل العصور السابقة التى اعتمدت على الذكاء الإنسانى المخلوط بالخوف والرهبة والجدال والكفر بالفكر. اللهم إن النيل لا يزال يفيض وإن الوادى لا زال ينبت وإن الشمس لا تزال تشع وإن أيدى صاحبة أعظم الحضارات لا تزال تعمل، فما بالنا اليوم يتقدم الناس ونحن ننتقد ونجادل ونكفر الفكر.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام