اسمحوا لي
الخاطرات كتاب جديد للدكتور سعيد توفيق أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة والأكاديمي المرموق ورئيس المجلس الأعلى للثقافة سابقا وقد صدر عن دار بتانة في هذا الشهر فأحدث ضجيجا هامسا بين المثقفين، والحقيقة أنه كتاب محير يضع القارئ في تساؤل وحيرة في تصنيفه ويجعلنا نتساءل هل هو يا ترى كتاب فلسفي؟ أم كتاب نقدي؟ أم مجرد خواطر لأحداث قد تكون عادية ولكنها استوقفت أستاذ الفلسفة الذي مازال قادرا على دهشة الأطفال للعادي والمألوف؟
إنه كتاب كبير يقع في ٣٥٢ من القطع المتوسط يكتبه أستاذ أكاديمي كبير ومصري أصيل بأسلوب بسيط حتى يكون ممتعا للقارئ العادي باعثا على التأمل والمراجعة للقارئ المثقف الواعي. وهو يصرح بوضوح في الكتاب بأنه لا يريد أن يكتب عن خبرات شخصية لا تعني أحدًا غيره إلا أنه يريد أن يكتب عن معاني الخبرة الإنسانية نفسها وجوهرها التي عايشها غيره من البشر ولم يفصحوا عنها.
والكتاب يأخذنا في عوالم الدكتور سعيد الخاصة منذ طفولته في حي السيدة زينب العريق حتى رحلاته خارج الوطن وهو يعدد الأشياء التي تفتنه وتدفعه على التأمل مثل البحر وأسراره والسماء ونجومها والمغنى الأصيل والطعام المصري والصحراء والاماكن، فهو يأخذنا في رحلته مع الحياة وكل من قابلهم وأثروا فيه منذ جدته الصعيدية التي كانت تصحبه إلى دور العرض السينمائي حتى ريس المركب في رحلاته في البحر الاحمر وتعرفه على الحياة البحرية، وبالرغم من أنه ينفي عن كتابه أنه كتاب اكاديمي الا أن أرواح وأفكار فلاسفة كبار مثل هيجل وسارتر وهيدجر وغيرهم تهيم معنا بين صفحات الكتاب، وهو ايضا ينفي أنه كتاب نقدي الا انه ينقد باستقامة وصرامة الزائف في حياتنا خاصة في أدب كشف العورات والتي يسميها التلصص وقد يحتفي بها البعض في مصر وأحيانا خارج مصر في ضجة غير حقيقية ولا تستحقها وأيضا الظواهر الفلسفية غير الحقيقية في حياتنا والتي يحتفي بها الغرب وهي لا تملك مشروعًا فلسفيًا حقيقيًا بل رطانة وطنطنات فارغة تتمسح ببعض التأويلات والتفسيرات الدينية حتى تنال رضا الغرب.
وقد أقيمت ندوة شائقة وثرية وكان الحضور كبيرا جدا وكانت مفعمة بالحب والتقدير للدكتور سعيد في دار بتانة أدارها الأستاذ شعبان يوسف، وكان المناقشون الشاعر الكبير الدكتور حسن طلب، والأستاذ الدكتور حسن حماد، والأستاذة الدكتورة منى طلبة.
إن كتاب سعيد توفيق كتاب عن حب كل ما هو جميل في الوطن والحياة.