رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم يتبق سوى أيام قليلة وينطلق مجلس النواب فى شكله الجديد، بعد أن تغير اسمه من مجلس الشعب إلى مجلس النواب وزاد عدد أعضائه ليصل إلى 596 عضواً.

والحقيقة أنه رغم بعض السلبيات التى شابت العملية الانتخابية وعلى رأسها ظاهرة المال السياسى بكل مساوئها وانخفاض نسبة المشاركة، إلا أن هناك إيجابيات فى العملية الانتخابية، لعل أهمها غياب ظاهرة التزوير المباشر وتغيير الصناديق وتسويد البطاقات وتدخل الأمن، وكذلك قدوم عدد لا بأس به من النواب الشباب إلى المجلس، رغم الغياب الملحوظ للشباب فى عملية الاقتراع.

أما الظاهرة الأهم والتى قد تصنف ضمن السلبيات، هو افتقار المجلس بتركيبته الحالية الى عنصر الخبرة والمهارة والحنكة السياسية، ويبدو أننا أمام برلمان هواه، سينعكس أداؤه على كل مناحى الحياة فى مصر.

فقد برزت ظاهرة اللواء سيف اليزل الذى أطلق على نفسه قبل الانتخابات صفة منسق عام قائمة «حب مصر» التى اكتسحت كل ما خصص للقوائم من مقاعد على مستوى الجمهورية بواقع 120 مقعداً، فقد روجت القائمة – ومعها وسائل الإعلام - لنفسها على أنها قائمة الدولة المدعومة من الحكومة وربما رئيس الجمهورية نفسه، ورفعت شعارات الوطنية والوطن، وكل ما يدغدغ المشاعر والعواطف.

وبعد الانتخابات بدأ اللواء سيف اليزل سيلاً من التصريحات المثيرة للجدل، فقد تحدث عن تشكيل كتلة قوية داخل البرلمان تستحوذ على كل اللجان النوعية، وتدعم الحكومة فى كل قراراتها، ثم فاجأنا بالحديث عن تشكيل ائتلاف يسمى «دعم الدولة»، وزعم أنه تمكن من جمع توقيعات لـ 400 نائب للانضمام للائتلاف، أى أكثر من ثلثى الأعضاء. وأثار هذا الأمر انتقادا واسعا، بل تهكم وسخرية حتى من المسمى نفسه «دعم الدولة»، وكأن من لم ينضم لهذا الائتلاف المزعوم سيكون داعما لدولة أخرى.

فمن الطبيعى أن برلمان الدولة مثله مثل كل المؤسسات فى الدولة يدعم الدولة، حتى فى معارضته الحكومة فهو يدعم الدولة، مثل أحزاب المعارضة التى تعارض الحكومة، وبذلك هى جزء من الدولة وتدعمها، فالجهاز المركزى للمحاسبات الذى يراقب الأداء ويرصد المخالفات، مؤسسة تدعم الدولة، والرقابة الادارية والنيابة الادارية والنيابة العامة تدعم الدولة، رغم اختلافها مع الحكومة.

وليت اللواء «اليزل» أطلق على ائتلافه «دعم الحكومة»، فقد يكون ذلك مقبولا شكلا، وإن اختلفنا فى المضمون كون البرلمان سلطة رقابة وتشريع يجب أن يكون محايداً.

ومع الضغوط والانتقادات والتهكم سواء من النواب أو وسائل الاعلام، اضطر «اليزل» إلى تغيير مسمى ائتلافه إلى «دعم مصر».

وسواء كان الاسم «دعم مصر» أو «دعم الدولة» أو حتى «دعم الحكومة» أو حتى «دعم الرئيس السيسى»، فإن الهدف الذى يسعى له اليزل يتنافى مع الأعراف البرلمانية، أن تشكل تحالفاً يكون كل مهمته الموافقة والتأييد والمبايعة.

وإن دل ذلك فإنما يدل على افتقار الخبرة، ومع احترامنا الكامل لـ«اليزل»، فإنه لا يملك التاريخ السياسى والخبرة اللازمة لقيادة دفة البرلمان، وكل خبرته وشهرته تشكلت فى 4 سنوات من خلال الفضائيات وبرامج التوك شو.

والأمر لم يكن مقصوراً على اللواء «اليزل»، فهناك العديد من المواقف التى تكشف افتقار العدد الأكبر من النواب لخبرة ومهارة العمل السياسى.

فقد أثار عدد من النواب أزمة بعد استقالة اللواء خالد الصدر الأمين العام لمجلس النواب، وهددوا وتوعدوا وملأوا الدنيا صياحاً، وأن الحكومة تدخلت فى اختصاصات المجلس بتعيين أمين عام جديد، وهم معذورون، لأنهم لم يقرأوا لائحة المجلس التى تنص على أنه فى غياب البرلمان، يكون اختصاص تعيين الأمين العام لرئيس الوزراء، وهو ما حدث مع اللواء خالد الصدر نفسه الذى عينه رئيس الجمهورية وصدق على ذلك المهندس ابراهيم محلب، رئيس الحكومة آنذاك.

ظاهرة أخرى رصدناها من خلال العمل فى الصحافة البرلمانية، وهو أن عدداً كبيراً من النواب عندما كان المحررون البرلمانيون يسألونهم عقب استخراج بطاقة العضوية عن أجندتهم البرلمانية، يردون.. «سنغير الدستور».. سنجعل فترة الرئاسة 6 سنوات «... سنمدد للرئيس».. سنطلب أن يكون رئيس المجلس المستشار «عدلى منصور».. وهكذا من الإجابات العبثية التى تنم عن قلة الخبرة وافتقار الرؤية والحنكة، فنادرا ما تسمع من نائب حديثاً عن قضية محورية، أو ملف مهم يخص الجماهير.

والحقيقة أننا بهذا المستوى وهذا التفكير سنجد أنفسنا أمام برلمان قد يصبح مادة جيدة للسخرية والتهكم فى وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعى.

فلا يوجد حزب قوى او ائتلاف يمكن أن يحدث التوازن المطلوب ويكون رمانة الميزان، بل سيعزف الجميع لحنا نشازاً حتى إذا كان الهدف واحد وهو السباق نحو إظهار الدعم للرئيس، فى ظل غياب مايسترو يقود الأوركسترا.

نعم.. التكتلات والائتلافات فى كل برلمانات العالم موجودة، ولكن ليس بطريقة اللواء سيف اليزل، لأن طريقته تذكر الجميع بالماضى ومبدأ الأغلبية الساحقة الماحقة ولغة «موافقون».

وإحقاقا للحق – ورغم اختلافنا مع ما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير 2011 – كان البرلمان يدار بخبرة وحنكة سياسية، وتشعر أن هناك مايسترو يدير الأمور بشكل مستتر وبهندسة متناسقة اختلفت معها او اتفقت.

كما كانت هناك قامات كبيرة من المخضرمين فى السياسة والاقتصاد الذين أثروا العمل البرلمانى أياً كانت مواقفهم السياسية وانتماءاتهم.

وحتى لا نستبق الأحداث، قد يخيب ظننا، ويكون هناك من الشباب والكفاءات التى تكتسب الخبرة بسرعة وتثرى الحياة البرلمانية فى مصر فى المرحلة المقبلة.

[email protected]