عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سلالم

Xenophobia” « هو مصطلح علمى معناه رُهاب الأجانب. أن تنظر إليهم بتشكك، وريبة، وتعتبرهم مسئولين عن كل أزمة وكارثة ومصيبة. الأجانب فى نظر مرضى الزينوفوبيا أعداء دومًا وأبدًا، مستغلون بالفطرة، يعملون ليل نهار على إضعافك، ولا يرجى منهم أى خير.

قبل عشر سنوات بالتمام كان لى حكاية مع المهندس الاستشارى ممدوح حمزة، إذ تلقيت مقترحًا منه حول دعوة المصريين للاكتتاب فى شركة عامة لإقامة استثمارات وطنية ضخمة. المهم أننى اتصلت بالرجل مستفسرًا ومستوضحًا، ففوجئت به يُحدثنى عن كوارث الاستثمار الأجنبى فى مصر من عينة تحويل أرباحهم إلى الخارج، وتشغيل خبراء أجانب وخلافه من الترهات الساذجة. ورغم حداثة سنى نسبيًا وقلة خبراتى وقتها أتذكر أننى قلت للرجل إن هذه التصورات التى يرددها انتهت فى العالم كُله، وأن هناك أساليب وفنون ونُظمًا جديدة نكتسبها كمصريين من الاحتكاك بالآخرين.

لكن المثير فى الأمر أن الرجل قال لى بأنه على استعداد لتمويل تكاليف دراسة اقتصادية أقوم بإعدادها عن سلبيات الإستثمار الأجنبى فى مصر، وسألته كيف أُعد دراسة اقتصادية بفرضية سابقة، لأن ذلك يعنى أنها دراسة موجهة. فضلاً عن رفضى لإعداد دراسة لفرد لا لمؤسسة. وبدا الرجل لى مستنفرًا ضد أى استثمار أجنبى فى مصر رغم إسهامات عظيمة لا تنكر لذلك الاستثمار فى نقل تكنولوجيات حديثة، وتطوير نظم الإدارة فى الشركات، وتحفيز الكوادر العمالية على التدريب والتطور، فضلاً عما وفرته الشركات الأجنبية من ملايين فرص العمل فى مصر منذ السبعينيات وحتى الآن.

وفيما بعد قام الرجل بتمويل دراسات وكتابات وحملات أخرى متنوعة حملت أفكاره الشخصية فى السياسة والشئون العامة والتى لم تكن بالضرورة صحيحة.

ومثله كثيرون منتشرون فى كل مكان: مسئولون، مستثمرون، صحفيون، إعلاميون، ونشطاء، وغير ذلك يكرهون الأجنبى مثلما يفعل ترامب، يتصورونه مقاسمًا لهم فى خيرات البلد، ويرونه سارقًا ومستغلًا وهم على استعداد لدفع أموال ليؤكدوا وينشروا ما يعتقدونه.

والحقيقة أن الأجانب فى مصر بشكل خاص، ساهموا فى صناعة تاريخها الحضارى. أتذكر قبل بضعة أسابيع استضافنى الإعلامى الكبير إبراهيم عيسى فى برنامجه الفذ «لدى أقوال أخرى» لنناقش ما قدمه الأجانب لمصر اقتصاديًا وثقافياً وفنيًا، وهالنا أن نجد أن كل إنجاز حضارى ننهل منه اليوم كان للأجانب المقيمين فى مصر بصمة خير فيه.

لقد تعلمنا من الشوام فنون البيع، ومن اليونانيين عرفنا أصول الفندقة، ومع اليهود تدربنا على احترام الكلمة والبيع بالآجل، ومع البلجيك رأينا أسس التنظيم والتخطيط سواء فى المعمار أو غيره، ومن الأرمن استقينا ربط التجارة بالثفافة والفن، ومن الطليان اختبرنا نظم وقواعد العمل.

قبل قرن من الزمن كانت مصر تُعج بالجاليات المختلفة، يونان، أرمن، يهود، شوام، طليان، وبلجيك وغيرهم، أسسوا، وبنوا، وعلموا، وتعلموا ولم يكتفوا بامتصاص خيرات البلد أو يحرموا أولادها من المنافسة أو المشاركة كما يروج أعداء الأجانب وإنما سمحوا بميلاد رأسماليين كبار وعظام مثل طلعت حرب، محمد فرغلى، السيد أبورجيلة، وعبود باشا وغيرهم.

إن أى استثمار أجنبى مفيد حتى لو بدا غير ذلك. مفيد بضرائبه التى يدفعها، وبالمصريين الذين يعملون لديه، وبالخبرات المولدة لدى المحتكين معه. ويكفى لنا أن نتذكر أن ديلسبس الذى اعتبره الناس رمزًا للاستغلال والاستعمار والهيمنة الأجنبية رحل من مصر ومات سنة 1897، لكنه لم يأخذ معه قناة السويس، فبقيت لمصر ولناسها.

فتدبروا.     

[email protected] com