رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

- من منا لم يعد يسأل نفسه هذا السؤال المدهش: لماذا تغير طعم كل شيء؟ السؤال بطريقة أخري: لماذا فقدنا كل مذاق نحبه في الأشياء؟ لم يعد الماء هو نفس الماء ولا الجبن الأبيض..الجرجير الحار، النعناع، الفجل الأبيض، الطماطم، رائحة البطيخ بعد شقه.. البلح الأحمر (الحياني)..مذاق الزبد البلدي.. المشلتت.. البشاميل..الدجاج..اللحوم..نكهة السجائر..الشاي.. لا شيء له نفس المذاق السابق..ربما حتي المشاعر والعلاقات!

- من يمكنه أن يدلنا - حتي في الريف - علي جانب مما كانت تنتجه أرضنا ولا يزال علي نفس طعمه ومذاقه! هل تغيرت التربة أم تغيرت البذور أم تغيرنا نحن، فلم يعد لنا طعم أو مذاق أو خواص مميزة؟ أم لأنني رجل «بدين» وتستبد بي مذاقات بعينها، فإنني أنا الذي فقدت خاصية التذوق! ربما تري عزيزي القارئ بأنني «همي علي بطني»، لكنك لو دققت قليلاً ستجد نفسك تسأل نفس أسئلتي كلما تذوقت شيئاً لم يعجبك..الآن.

- يمكننا اتهام يوسف والي بكل ما ينسب إليه من إفساد الزراعة، ويمكنني اتهام الحقبة الساداتية كلها، فقد تفشي خلالها الحديث عن المسرطنات والمنتجات الملوثة بالإشعاع..تسربت معلومات مريعة عن صفقات لدفن النفايات المشعة في الأراضي المصرية مقابل حفنات من الدولارات. لم يجر حتي اليوم تحقيق في الأمر، لكي نتأكد فعلاً أن بلدنا لم يتأثر بالملوثات الإشعاعية وهل دفنت فيه مثل هذه النفايات في ذلك الوقت أم لا؟ وكيف لنا أن نعرف شيئاً عن أدق أسرار هذا الوطن، فالحقيقة أنهم يروعوننا باستمرار بأن هذه الأمور تعد أسراراً حربية وأنها «أمن قومي»..حتي إننا لم نعد نعرف في الحقيقة ما هو الذي ينطبق عليه معيار الاسرار الأمنية القومية الكبرى، والأسرار اللاأمنية الصغري! كان السادات يتحفنا بمزاعم كثيرة عن محاولات التنمية التي يقوم بها، مواصلاً ادعاءاته بأنه يغير حياة المصريين نحو الأفضل، وأنه يجري إصلاحات اقتصادية للخروج من عنق الزجاجة، وكان وزراؤه يكذبون، وكان احدهم ويدعي عبد الرزاق عبدالمجيد ولقبوه كذباً آنذاك بأنه إيرهارد مصر، علي غرار وزير الاقتصاد الألماني الأشهر الذي أنقذ بلاده وأعاد بناء الاقتصاد بعد الحرب، صاحب واقعة الحلف علي العيش في مجلس الشعب: "عليا النعمة الميزانية فيها فائض"، وهذا كان كذباً صريحاً..والمؤسف أننا ومنذ أن تولي الرئاسة في ١٩٧٠ وحتي اغتياله ثم تعاقب الرؤساء من بعده، ونحن ما زلنا في قاع الزجاجة ولم نستطع ان ننفلت من هذا العنق!

- كل المذاقات تغيرت.. حتي مذاق ارتفاع الأسعار نفسه تغير..كان عبد الناصر رحمه الله يقيل وزير التموين إذا ارتفع سعر الأرز قرشين صاغ، لكن المنتجات تباع اليوم بأسعار تختلف في الصباح عنها في المساء..عنها في صباح ومساء اليوم التالي! طعم الفساد نفسه تغير حتي إنه لم يعد يحتمل. كان السادات يقول «اللي ميغتنيش في عهدي مش هيغتني تاني»..قالها هكذا صراحة.. وقتل، لكنه كان قد وضع القطار علي سكته..فساد لا يتوقف في محطة او موقف..فساد لا توقفه رقابه أو محاكمة ..توحش وتراكم..ومن أسف أن كل الأجيال تتعلمه..وتمارسه وكأنها دائرة جهنمية..مذاقها مر!