عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سلالم

 

لا يمر مؤتمر أو حدث اقتصادى دون تشجيع. كلمات محترمة تصدر من مسئولين كبار يؤكدون فيها أن الدولة ترحب بالقطاع الخاص، تدعمه، وتسانده، وتعتبره شريكاً رئيسياً فى التنمية. كلمات تتكرر كل يوم، لكن الأمر لاشك أكبر من مجرد كلمات.

قلت وكتبت من قبل أن مصر تحتاج ما بين 800 و900 ألف وظيفة كل عام، وأن الحكومة وحدها لا يمكن أن توظف تلك الوظائف، ما يعنى أن القطاع الخاص يجب أن ينمو ويتسع ويكبر ليتمكن من أداء الدور المنوط به.

ولاشك ان ذلك يستدعى افساح قطاعات صناعية وخدمية عديدة للقطاع الخاص دون مشاركة جهات عامة، مع التسليم بفكرة دور الدولة فى ضبط ومراقبة وتنظيم تلك القطاعات، فضلا عن الاستثمار فى القطاعات الاستراتيجية، والمشروعات الكبرى.

لا توجد دول تفعل كل شىء، وحتى الصين التى كانت نموذجا واضحا فى الشمولية والخيار الاشتراكى فتحت الطرق أمام القطاع الخاص، وصاغت تصورا جديدا للنظام الاقتصادى يتلخص فى عبارة واحدة قالها الزعيم الصينى شياو بنج هى «لا تهم القطة بيضاء أم سوداء.. المهم أن تصطاد الفئران.»

ومن بعده، فإن الصين أعلنت التزامها بالاشتراكية، لكنها اشتراكية من نوع خاص، يسمح للقطاع الخاص بالنمو والتوسع والمشاركة بانفتاح وعدالة، بخلاف تصورنا وتجاربنا فى مصر والعالم العربى حيث الدولة هى الصانع وهى التاجر وهى المسوق وهى الموظف.

الدولة فى النموذج الصينى مستثمرة لكن فى مشروعات بعينها، مشروعات تنموية كبيرة، لكنها تطلق الحرية للقطاع الخاص للعمل فى كافة مجالات الصناعة، والتجارة، والخدمات. لا تقبل الاشتراكية الصينية بوأد القطاع الخاص، أو إحالته إلى الاستيداع، وإنما هو شريك حقيقي، المحلى منه والأجنبي.

والنتيجة أن الصين الآن هى الدولة الثانية فى العالم اقتصاديا، إذ تستحوذ على نحو 14% من الناتج الإجمالى للعالم، بعد الولايات المتحدة التى تستحوذ على 22 % وستتجاوز طبقا للدراسات الاقتصادية خلال خمس سنوات حصة الولايات المتحدة من الاقتصاد العالمي.

وفى تصوري، ولست أحتكر الصواب، أن مصر جديرة باستنساخ النموذج الصيني، لأن النموذج الغربى التام القائم على اقتصاد السوق الحر واكتفاء الدولة بالمراقبة لم يثبت جدارته فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك، وتسبب فى اتساع اللاعدالة فى المجتمع، أما النموذج الاشتراكى المصمت القديم فقد اثبت فشله فى العالم كله، ولا توجد دولة قادرة على احتكار كل شىء.

إننى أعتقد أن ذلك غير واضح لدى كثير من المسئولين، والوزراء، والمعنيين بالاقتصاد. هُم يشجعون القطاع الخاص فى خطاباتهم، لكنهم لا يلتفتون لمشكلاته واقعيا. يعتقدون أنه خصم الدولة لا شريكها. ويتصورن أن دوره منافس لا مكمل. ينظرون إلى رجال الأعمال والصناعة والمستثمرين نظرات ريبة وتشكك، ويتخذون من حالات انحراف فردية دليلا على خذلان رجال الأعمال للوطن.

العالم مختلف كثيرا. عقول منفتحة، وتصورات متجددة. للدولة أدوارها واستثماراتها اللازمة لاشك فى ذلك، لكن ذلك ليس خصما من القطاع الخاص. لكم مشروعاتكم ولنا مشروعاتنا، والمهم أن نصطاد الفئران، أن نصنع التنمية.