رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافرة

«مراهقة متأخرة» صارت صرعة بين الرجال ما بعد سن الخمسين، موضة خربت بيوتا كثيرة كانت آمنة ومستقرة رغم منغصات الحياة، فلهث الأب بعد أن كبر أولاده خلف فتاة لعوب أو امرأة صغيرة، على أمل عبثى أن يسترد شبابه على يديها، ولا يعلم أو يعلم و«يستعبط» أن لا صحته ولا طاقته أو قدر احتماله يمكن أن تستوعب تلك الزيجة الجديدة، وما إن يقضى منها وطراً، وتهدأ نزوته، حتى يفيق على الندم ويبكى على أم الأولاد التى أضاعها بطمعه فى استرداد شباب زال، وعندما يفيق من نوبته العاطفية، تكون أم أولاده هى الأخرى قد ارتمت فى أحضان زوج آخر، من منطلق «العند» وإثبات إنها لا تزال مرغوبة، ولتكيد له وقد «رماها وبص لغيرها»، أو بحثا منها عن ونيس بعد أن صارت وحيدة.

وهكذا يندم الطرفان، ويتمنى كل منهما لو استعاد الآخر، ولكن بعد فوات الأوان، فعجلة الزمن لا تعود للوراء، بعد أن تسبب كل طرف للآخر بجرح عميق لا يندمل، نعم جروحنا فى سن الشيخوخة لا تشفى بسرعة كما فى سن الشباب، يؤيدنى زميلى محمود غلاب مدير التحرير بأن طلاق ما بعد الخمسين نوع من الجنون، وجرى الرجل وهو فى سن المعاش وراء شابة بدلاً من أم أولاده «خبلان» كما يسميه، ويطالبنى بإطلاق نداء لكل الآباء والأمهات داخل الأسر المصرية، بأن تعيد حساباتها، وألا يعتقد الزوج أو الزوجة، أن حياته مع شريك عمره يجب أن تنتهى وتفصم عراها بعد أن كبر الأولاد واستقلوا بحياتهم، وألا يرى كل طرف أنه احتمل الحياة مع شريكه فقط لأجل الأولاد، يجب تغيير هذه النظرة تماماً، لأن بين زوجين عاشا معاً عقدين وأكثر من الزمان معا تحت شعار «لأجل الأولاد» يمكنهما مواصلة الحياة معاً حتى آخر العمر لأجل أنفسهما، بعد أن انتهت المسئوليات الملقاة عليهما، ونفضا أيديهما من المشاكل المتلاحقة التى كانت بسبب تربية الأولاد ونفقات الحياة و.. و..، ولم يبق أمامها سوى أن يسعدا، وأن يسعد كل طرف بالآخر ويسعى لإسعاده.

وسبق أن وجهت نداء للأزواج، بدلاً من أن تنفق أموالك المدخرة، أو مكافأة نهاية الخدمة على شابة لعوب تداعب فيك أحلام الشباب فى سن الكهولة، أنفقها لتجمل زوجتك أم أولادك، وتعيد لملامحها بعضا من الشباب، ولمظهرها الأناقة، ولوجهها الابتسام، بأن تصحبها فى رحلات ونزهات، وتنطلقا، وأن تبدآ حياتكما من جديد معاً، وليس مع شخص آخر.

ما أصعب أن تجنى أم أولادك الحصرم والألم فى أواخر عمرها، بعد التعب والصبر والوقوف بجانبك حتى صرت شيئاً أنت وأولادك، وما أصعب أن تتخلى أيتها الزوجة عن أبو أولادك، أو تتركيه صيداً ثميناً لغيرك لتهين شيبته، بعد أن كافح معك لأجلك ولأجل أولادكما سنوات عمل مضنى أهلكت شبابه، ولا تعتقدا أبداً أن أولادكم الذين كبروا واستقلوا، لن يشعروا بالألم والحزن وأيضاً بالخجل أمام أسرهم الجديدة، وهم يرون انهيار البيت الذى تربوا وعاشوا فى كنفه، وأن يروا الأب قد تحول إلى «اساتوك» يلهث خلف شابة فى عمر أولاده، أو يروا الأم تزوجت لتكيد أبوهم، الأولاد أيضاً حين يكبرون ويستقلون، فى حاجة لهذا البيت، ليتجمعوا به مع أزواجهم وزوجاتهم وأولادهم لينعموا بحب ورعاية الجد والجدة.

من هنا أنادى الآباء والأمهات بألا ينسوا أنفسهم تماماً فى سنوات تربية ورعاية أولادهم، بل يقتطعون جزءاً مقبولاً من حياتهم ليسعدوا أنفسهم، فلا يعيشون على هامش الحياة لأجل الأولاد، والسعادة لا تحتاج إلى تكاليف كما يعتقد كثيرون، فقط تحتاج إلى حب وود وتفاهم وعطاء متبادل، وفسحة أسبوعية على كورنيش النيل مع «حفنة ترمس» أو «كوز ذرة» مع حديث لطيف بعيداً عن مشاكل الأولاد سيجدد الحياة والطاقة والنشاط، فلا نلقى بأنفسنا لهامش الحياة، لنكتشف ضياع العمر فى التعب والنكد، ونعود إلى المراهقة فى مشيبنا ونخرب بيوتنا.

وللحديث بقية.

[email protected]