رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نور

> تجاوزنا، منذ أيام، الذكرى الواحدة بعد المائة، على عيد الجهاد، المقدمة والإرهاصة المقدسة، التى أشعلت الثورة الأعظم فى تاريخ مصر، ثورة 1919 التى خاضها الشعب المصرى فى مواجهة أقوى جيش فى العالم، وقتها، متسلحًا بإيمانه، ورغبته فى الحرية، متمسكًا بحقه فى إدارة شئونه، مقدمًا زعيمه سعد زغلول، كمتحدث رسمى باسم المصريين، لتبدأ رحلة حزب الوفد المصرى، التى لن تنتهى، من أجل وطن حر، ديمقراطى، وعادل!

> كان سعد زغلول دليلًا للثوار وأبًا روحيًا لهم، أو كما قال عنه غاندى الزعيم الهندى العظيم: «سعد زغلول معلمي».. فقد كان «سعد» قائدًا لحركة شعبية طاغية فى مطلع عصر التنوير الذى فجرته الثورة وكان زعيمًا متسامحًا مع الآخر.. وراعيًا رسميًا لمبدأ الوحدة الوطنية، فكان دائمًا هو «نازع فتيل الفتنة».. أبدًا.. لم يكن سعد مجرد رجل اختاره الناس زعيمًا.. ولكنه صانع ثورة منظمة تطلب الاستقلال.. تعالوا نقرأ ما كتبه المؤرخون عن ثورة 19 التى كانت تديرها أربع طبقات من القيادات القوية التى وضعت أمامها هدفًا واحدًا اسمه الثورة.. وحققته.. مصطفى أمين قال فى كتابه عن الثورة الأم إن سعد زغلول ترك ورقة كتب فيها: «اذا اعتقلت الطبقة الأولى من قيادات الثورة تقوم الطبقة الثانية، فإذا اعتقلت تقوم الثالثة، وإذا اعتقلت تقوم الرابعة»، وهذا يعنى أن سعد زغلول كان يخشى من القضاء على الثورة باعتقال قياداتها أو بنشر الفوضى التى قد لا تجد من يتحكم فيها، فوضع أربع طبقات من القيادات.. وكان دور هذه الطبقات واضحًا عندما ثار الشعب للمرة الثانية عام 1921.. فقد تم اعتقال أعضاء الطبقة الأولى والتى كانت تضم «سعد زغلول ومصطفى النحاس وسينوت حنا وفتح الله بركات وعاطف بركات ومكرم عبيد»، لاحظ أنهم أربعة مسلمين واثنان من الأقباط، فقد تم اعتقال هذه الطبقة، فاندلعت الثورة فى جميع أنحاء البلاد.. فظهرت الطبقة الثانية وكانت تضم: مرقص حنا وحمد الباسل ومراد الشريعى وعلوى الجزار وانضم لهم ببرقية من جنيف على الشمسى وأصدرت بيانًا دعت فيه إلى مقاطعة الإنجليز.. فتم القبض على أعضاء هذه الطبقة وصدر فى حقهم حكم بالإعدام.. فظهرت الطبقة الثالثة والتى ضمت: المصرى السعدى ومصطفى القاياتى وسلامة ميخائيل ومحمد نجيب الغرابلى وراغب اسكندر وفخرى عبدالنور ومحمود حلمى إسماعيل فتم تحويلها لمحاكمة عسكرية بتهمة التآمر على نظام الحكم.. فتظهر الطبقة الرابعة وتتكون من: حسن حسيب وحسين هلال وعطا عفيفى وعبدالحليم البيلى ومصطفى بكير وإبراهيم راتب.

> لم يكن سعد زغلول رجلًا يائسًا، بل كان مناضلًا لا يتوقف عن الكفاح من أجل وطنه وحريته، ولذلك لا نجد صحة للمقولة التى يرددها المصريون على لسانه عندما قال «مفيش فايدة» فهى دعوة لليأس لم يطلقها سعد من أجل العمل الوطنى ولكنه كان يقصد أن حياته انتهت بعدما سيطر عليه المرض.. فقد اشتد عليه وبات على يقين بأنه هالك لا محالة فقال لزوجته صفية زغلول وهى تحاول إعطاءه الدواء.. مفيش فايدة.. فتناقلها المصريون على أنه يعنى أن الإنجليز لن يخرجوا من مصر.. فقد كانت مقولة سعد يتم تداولها بسرعة البرق وساعد الإنجليز على تدعيم فكرة نشر المعنى السلبى للمقولة ولكن سعد لم يكن يقصد إلا نفسه وقد مات فعلًا بعدها بأيام ليبقى رمزًا وطنيًا علم الناس معنى الثورة حتى أنه أصبح نموذجًا للثائر المصرى الذى لا تموت ذكراه مع جسده، بل ظل علامة فى التاريخ والوجدان والذاكرة المصرية.

> كان سعد أستاذًا للثورة بمفهومها الواسع.. ثورة ضد الحاكم الظالم.. وضد الفقر.. وفى مواجهة الجهل.. باقتصاد قوى ومؤسسات علمية راسخة وحريات لا تتوقف إلا عندما تصطدم بحقوق الآخرين.. وكان يهدف من وراء الثورة عملًا ومستقبلًا لا يهتز.. وتماسكًا وطنيًا لا يصاب بشرخ.. ويدًا تبنى لا تهتز.. فهو أستاذ الثورة وعلمها ونموذجها الأكثر شهرة وبقاءً فى وطن عرف الثورة بعده بما يقرب من مائة عام!

> سعد زغلول.. قيادة نادرة.. تمكن من تعليم الشباب كيف يثورون على الظلم والطغيان.. وكيف يقولون للحاكم نحن أصحاب البلد.. أو كما قال لهم يومًا: «إنكم أنبل الوارثين لأقدم مدنية فى العالم وقد حلفتم أن تعيشوا أحرارًا أو تموتوا كرامًا» كان يقوم بتدريس الحرية فى كل كلمة فكان استاذًا لمنهج جديد يدق باب الوطن اسمه «الليبرالية» كان يمثل مرحلة جديدة من تاريخ مصر.

[email protected]