رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صكوك

ذكريات الطفولة والشباب كالصخرة لا تمحى مهما مرت عليها السنوات.. ومنها زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لمدينتى قليوب والحق أنها لم تكن زيارة كما كانت المدينة تستعد لها بالنظافة والزينة والتأمين وإنما كان مجرد مرور الرئيس قادماً من مدينة القناطر الخيرية، ولا أتذكر سبب المرور ولكن أتذكر تلك الاستعدادات التى تمت لمجرد مرور الرئيس لدقائق فى موكب مذهل.. هذا المرور الذى كلف المدينة استعدادات غير مسبوقة وقام رسام المدينة برسم صورة جدارية للرئيس فى غاية الجمال والدقة على جدار حائط المركز الطبى الذى مر أمامه الموكب.. وعطل كل شىء، وصعد القناصة على أسطح البيوت وتم حظر التجوال والسماح فقط بالنظر من الشبابيك والبلكونات، إلا أننى وقتها لم أستطع كبت الفضول والخروج إلى البلكونة رغم تحذير والدى وشاهدت الرئيس يلوح بيده السمراء لجنود الأمن المصطفين بطول الطريق، تلك الزيارة التى أرقت نوم أهل المدينة وصعدت سقف أحلامهم بأن ينزل الرئيس لأهل المدينة يستمع إلى مشاكلهم، ولكن تبخرت الأحلام بسرعة المرور، الذي لم يستمر سوي دقائق وبعدها قتل السادات وقذفت الصورة الجدارية بعد الحادث بالطين من مجهول وشوهت تماماً.

أتذكر أيضاً يوم مرور قطار الرئيس حسنى مبارك ومعه ملك السعودية على مدينتى متوجهاً إلى الإسكندرية.. وكان نفس الاستعداد داخل المدينة وكان وقت الدراسة وخرجت مدرستى الثانوية التى كانت تطل على شريط القطار بعد أن تم تحفيظنا أغاني وطنية لتحية الرئيس والملك علاوة على ميكروفونات محطة القطار التى لم تتوقف عن إذاعة الأغانى الوطنية وعندما اقترب موعد مرور قطار الرئيس أمرنا بأن ندخل إلى المدرسة دون أن نستعرض حتى ما حفظناه من اغان وعروض، كان المشهد قريبا من مشهد السادات من استعدادات وأحلام بأن يتوقف قطار الرئيس لحظات لمجرد التحية أو الاستماع.. وقتها لم أمنع نفسى من الفضول وصعدت إلى سور المدرسة المرتفع للمشاهدة رغم التحذيرات والمخاطر، وعند نقطة الصفر واقتراب القطار سقطت من فوق السور بفعل فاعل وتبخرت احلام رؤية الرئيس. ولكن ماذا لو عاد بى الزمان وتمكن أهل المدينة من إيقاف الرئيس عرض أحلامهم وأمانيهم هل كانت تتحقق المعجزات؟! ولكن ما هى أقصى أمانى المواطن أعتقد أنها مجرد شربة ماء صالحة او رصف الطريق وزرع أشجار. إنها أحلام لا ترقى إلى إيقاف رئيس للاستماع لأنها ضئيلة ويستطيع رئيس مجلس المدينة أو المحافظ تحقيقها.. هكذا حال الشعب يحلم ويكدس الأحلام وعند التحقيق والتنفيذ ينسى كل شىء وتبقى فقط نظرة الرئيس الحانية ومجرد أنه توقف لحظات للاستماع من اجمل الاحلام. إنها عاطفة شعب لم يعرف سوى الحب مهما تكالبت عليه مصاعب الحياة، ويكتفى بالنظرة الدافئة.